كما عهدناها دائماً، تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على التجديد والتطوير في أي خطوة أو تحرك تقوم به..

فكان طبيعياً وفق ذلك النهج الإماراتي (التي تحتفل بمرور 52 عاماً على تأسيسها)، أن يأتي تنظيم مؤتمر الأطراف العالمي الخاص باتفاقية المناخ "COP 28" في دورته الحالية التي تنعقد في دبي، مختلفاً عن كل الدورات السابقة.

فعندما يكون مؤتمر "COP 28" من تنظيم دولة الإمارات، فهو ليس مؤتمراً وحسب. وإنما هو حزمة متنوعة من الفعاليات ذات الصلة بمجالات مختلفة، لكنها تصب جميعاً في إطار الحدث الأساسي، فتتشكل في النهاية منظومة متكاملة تخدم الغايات والأهداف من وراء ذلك الحدث.

ومن أبرز الإضافات الإماراتية في هذه الدورة هي: استحداث "جناح الأديان" وهو منصة جديدة تظهر هذا العام للمرة الأولى منذ بداية مؤتمرات المناخ. هدفها الأساس إشراك القادة الدينيين في جهود مواجهة التغيرات المناخية، وتعميق التفاهم بين مختلف الأديان من أجل تشكيل رؤية مشتركة تعزز جهود التصدي لتحديات التغير المناخ.

ومن المبادرات الجديدة أيضاً في COP 28 الإمارات، تحديث وابتكار آليات تنفيذ مبادرة مقايضة الديون مقابل الطبيعة. وتقوم فكرتها على خفض ديون الدولة النامية، مقابل حماية النظم البيئية الحيوية.

ومن أجل تنفيذ هذا التصور المبتكر، ستقوم بنوك التنمية في العالم بإطلاق فرق عمل مهمتها زيادة عدد وحجم مقايضات "الديون بالطبيعة".

وهي خطوة أخرى غير مسبوقة في العمل الدولي المناخي، حيث ستتولى البنوك ومؤسسات التمويل الدولية بما يدخل في نطاقها من جهود وتحركات تمويلية لدعم وتشجيع الدول النامية على الالتزام بالشروط والمعايير البيئية، مقابل حوافز مالية مباشرة في شكل مقاصة مع الديون المستحقة عليها. وستُعلن الخطط التنفيذية لهذا التوجه الجديد اليوم الإثنين الذي يحمل عنوان "يوم التمويل" ضمن فعاليات مؤتمر الأطراف COP 28.

وإذا كانت تلك الخطوات تندرج في إطار كفاءة التنظيم وتوسيع نطاق الفعاليات والتحركات المصاحبة لذلك الحدث الكبير، فإن محتوى ومضمون المؤتمر أيضاً لا يقل تقدماً وتطوراً. فقد بدأ " COP 28" فعالياته بإنجاز كبير لم يسبق له مثيل، وهو تفعيل صندوق الأضرار والخسائر.

تلك الخطوة المفصلية الرامية إلى تعويض الدول والمناطق المتضررة من التغيرات المناخية خصوصاً منها المترتب على الأنشطة الصناعية وتلوث البيئة.

فبعد أن كانت مصر قد دعت في الدورة السابقة للمؤتمر " COP 27" إلى تأسيس هذا الصندوق، وأقرت الدول الأعضاء في المؤتمر تلك الدعوة. فبادرت الإمارات إلى وضع حجر الأساس الضروري لعمل الصندوق، بإيداع مبلغ مائة مليون دولار كنواة يبدأ بها الصندوق أعماله. ثم أعلنت ألمانيا عن المساهمة بمبلغ 100 مليون دولار، وقررت المملكة المتحدة تقديم 75 مليون دولار، بينما خصصت الولايات المتحدة الأمريكية 17.5 مليون دولار، ومن اليابان سيحصل الصندوق على 10 ملايين دولار.

لم تكن هذه المخصصات لتظهر، لولا المبادرة الإماراتية التي شجعت بقية الدول على أن تحذو حذوها. خاصة بعد أن ظلت فكرة تأسيس الصندوق محل خلاف ونقاشات بين الدول الأعضاء لمدة عام، حتى تمكنت الإمارات في 4 نوفمبر الماضي من تأمين الموافقات اللازمة لتفعيل فكرة الصندوق. وذلك خلال الاجتماعات التحضيرية لدورة هذا العالم من المؤتمر "COP 28" ولا شك أن اتفاق العالم وشروعه فعلياً في تعويض الدول والشعوب المتضررة بيئياً، تم بفضل جهود إماراتية بلورت في هذه الخطوة غير المسبوقة في تاريخ البشرية.

ومما يؤكد ثقة العالم في الإمارات وقيادتها، أن أكثر من مائة وثلاثين دولة مشاركة في هذه الدورة من المؤتمر العالمي للمناخ، قد أقرت في اليوم الأول منه أجندة المؤتمر من بنود وفعاليات ومقررات. الأمر الذي يمثل تفويضاً مسبقاً وكاملاً من العالم للإمارات، وتسليماً بقيادتها وريادتها في جهود التصدي لتلك القضية المصيرية للبشرية، قضية التغير المناخي ومخاطره. إلى الحد الذي دفع معظم قادة الدول والمسؤولين الدوليين وعلى رأسهم أنطونيو غوتيريش أمين عام الأمم المتحدة، إلى اعتبار هذه الدورة لمؤتمر المناخ محطة فاصلة ونقلة نوعية في تاريخ العمل الجماعي الدولي لمكافحة التغيرات المناخية.

QOSHE - البصمة الإماراتية في COP 28 - محمد خلفان الصوافي
menu_open
Columnists Actual . Favourites . Archive
We use cookies to provide some features and experiences in QOSHE

More information  .  Close
Aa Aa Aa
- A +

البصمة الإماراتية في COP 28

22 0
04.12.2023

كما عهدناها دائماً، تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على التجديد والتطوير في أي خطوة أو تحرك تقوم به..

فكان طبيعياً وفق ذلك النهج الإماراتي (التي تحتفل بمرور 52 عاماً على تأسيسها)، أن يأتي تنظيم مؤتمر الأطراف العالمي الخاص باتفاقية المناخ "COP 28" في دورته الحالية التي تنعقد في دبي، مختلفاً عن كل الدورات السابقة.

فعندما يكون مؤتمر "COP 28" من تنظيم دولة الإمارات، فهو ليس مؤتمراً وحسب. وإنما هو حزمة متنوعة من الفعاليات ذات الصلة بمجالات مختلفة، لكنها تصب جميعاً في إطار الحدث الأساسي، فتتشكل في النهاية منظومة متكاملة تخدم الغايات والأهداف من وراء ذلك الحدث.

ومن أبرز الإضافات الإماراتية في هذه الدورة هي: استحداث "جناح الأديان" وهو منصة جديدة تظهر هذا العام للمرة الأولى منذ بداية مؤتمرات المناخ. هدفها الأساس إشراك القادة الدينيين في جهود مواجهة التغيرات المناخية، وتعميق التفاهم بين مختلف الأديان من أجل تشكيل رؤية مشتركة تعزز جهود التصدي لتحديات........

© العين الإخبارية


Get it on Google Play