لا شيء يتخطى مصلحة الوطن، وكل الحريات تقف عندما يتعلق بأمنه، والعبث بمكتسباته يعد جريمة وخيانة لا يستحق صاحبها أن يعيش لحظة واحدة على تراب الأرض التي منحته جميع متطلبات الحياة الكريمة وحقوقه التي عاش بفضلها.

لطالما كانت دولة الكويت، منارة العلم والمعرفة، يزهو شعبها بالثقافة وتلاقت فيه أطياف المثقفين عربيا وإسلاميا وعالميا، وباتت محورا مهما في تنمية الإنسان وعموم المجتمع الكويتي المتمسك بأصلاته لا يختلف عليه اثنان، رؤيته التي سبقت غيرها من دول الخليج كان هي الانطلاقة لتكون الدولة الكويتية الأصيلة مع بداية مرحلة التأسيس.

قد يكون الأثر الأكبر في تعطل أن تكون الكويت من الدول الرائدة في المنطقة هو الغزو الغاشم عليها في (1990)، وآثاره مازالت ملموسة حتى هذه اللحظة، حيث شهدت الكويت فترات صعبة وباتت في ركود تنموي ملحوظ بعكس تطور ونمو دول الخليج حولها وذلك بشكل ملحوظ.

وقبل عدة أيام شكّل خطاب أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، ليس لشعب الكويت فقط، بل لكل دول الخليج بالأخص، والعالم العربي بشكل عام، حقبة جديدة لتصحيح المسار الذي خرج عن السيطرة، من تعطيل لمجلس الأمة لعدة سنوات وتعديل بعض بنود الدستور، وباتهام صريح من أمير البلاد، لمجلس الأمة بتعطيل كافة الإصلاحات الداخلية حتى الوصول للتطاول على القرارات الأميرية من جانب بعض الهواة السياسيين من أعضاء مجلس الأمة.

الانحراف الديمقراطي كما عبر عنه أمير الكويت، أشاع في البلاد فساداً وغيرت نهج الديمقراطية الحقيقية السليمة والتي كانت الكويت رائدة بها، الضرر بات يطول الوطن وشعبها ودخلت في عزلة عن محيطها الخليجي لتتبع تياراتٍ سياسية من مصلحتها إبقاء الكويت في هذه الظلمة، وعمل فجوة من الانشقاقات تدعم الفئات المنحرفة أو الفاسدين و حتى الخطابات الأيدلوجية التي خلقت للكويت صورة من الاضطراب والفوضى الداخلية في زمنٍ تشهد فيه العديد من الدول العربية اضطرابات كبرى لكافة الأنظمة السياسية التي ساهمت بسقوط دول كانت مستقرة إبان ما كان يعرف بـالربيع العربي.

هذه المرحلة التاريخية هي خطة حقيقية للنهوض مجدداً بمجد الكويت كما عبر أمير البلاد خلال خطابه، وفي مواجهة صريحة لفرض الإصلاحات تجاه حجم الخلل والعقبات المتراكمة والقائمة، والسعي إلى تحقيق فرصة جديدة تعود التنمية في سابق عهدها وتطور التنمية المستدامة وضمان نهضة الاقتصاد وصولا إلى وجود الاستقرار السياسي ووحدة الصف الواحد للمجتمع ودعم سيادة القوانين على الجميع وعدم المساس بالمال العام ومحاربة الفساد والمحافظة كرامة المواطن وحريته تحقيقاً للعدالة الاجتماعية لضمان وصول الحقوق لكافة الشعب، وفي إشارة أخرى مهمة بأن تصحيح المسار سيكون بمثابة نقطة انطلاق في سباق التطور والتميز مجدداً بجانب دول المنطقة من دول الخليج الأشقاء الذين دعموا خطاب أمير الكويت الذي سعى لوحدة الصف الخليجي العربي.


QOSHE - الخطاب الأميري لتصحيح المسار - علي الزوهري
menu_open
Columnists Actual . Favourites . Archive
We use cookies to provide some features and experiences in QOSHE

More information  .  Close
Aa Aa Aa
- A +

الخطاب الأميري لتصحيح المسار

44 0
14.05.2024

لا شيء يتخطى مصلحة الوطن، وكل الحريات تقف عندما يتعلق بأمنه، والعبث بمكتسباته يعد جريمة وخيانة لا يستحق صاحبها أن يعيش لحظة واحدة على تراب الأرض التي منحته جميع متطلبات الحياة الكريمة وحقوقه التي عاش بفضلها.

لطالما كانت دولة الكويت، منارة العلم والمعرفة، يزهو شعبها بالثقافة وتلاقت فيه أطياف المثقفين عربيا وإسلاميا وعالميا، وباتت محورا مهما في تنمية الإنسان وعموم المجتمع الكويتي المتمسك بأصلاته لا يختلف عليه اثنان، رؤيته التي سبقت غيرها من دول الخليج كان هي الانطلاقة لتكون الدولة الكويتية الأصيلة مع بداية مرحلة التأسيس.

قد يكون الأثر الأكبر في تعطل أن تكون الكويت من الدول الرائدة في........

© العين الإخبارية


Get it on Google Play