رأف شهر كانون الأول هذا العام باللبنانيين بعد حلوله ضيفاً دافئاً في ذروة الشتاء، إذ على الرغم من الأمطار الغزيرة والسيول التي نتجت عنها في الأسابيع الماضية، و”البهدلة” التي طاولت اللبنانيين على اختلاف مناطقهم ووصلت إلى منازلهم، لم تنخفض الحرارة إلى مستوياتها الموسمية بعد، ما سمح لأبناء القرى والمدينة على حدّ سواء بالاقتصاد في التدفئة حتى اشتداد قسوة الشتاء.

وبعدما اعتاد اللبناني على اللجوء إلى الحلول الترقيعية والأوفر في الصيف، معتمداً على الطاقة الشمسية والـUPS، يحاول تجاوز الأشهر المتبقية بـ”التي هي”. وبغض النظر عن الوسائل، الكهرباء أو الحطب أو الغاز أو المازوت، تكلفتها تُلهب الجيوب على وقع احتراق قيمة الليرة مقابل الدولار الأسود حتى لو اقتصدت العائلات بساعات التدفئة.

رائحة الحطب المشتعل المُتسرّبة من المنازل لم تعد حكراً على قاطني الأرياف، باعتبار كلفتها أدنى من أساليب التدفئة الأخرى، إذ أن معظم الأسر استبدل وسائل التدفئة المُعتمدة سابقاً بالوسائل التقليدية.

فالكهرباء مثلاً، أصبحت “لزوم ما لا يلزم”، لا يُعتمد عليها في ظل الانقطاع الدائم والتقنين القاسي للمولدات الخاصة، كما أن سعر الكيلوواط يتراوح حالياً بين 17.585 و19.343 ليرة لبنانية ومُرجَّح للارتفاع مع بداية العام المقبل. بالتالي، وفيما تتراوح الفاتورة بين المليون والمليوني ليرة شهرياً من دون التدفئة، من المتوقّع أن تتضاعف مع الاعتماد عليها.

أما المازوت، فيزداد الطلب عليه في فصل الشتاء خصوصاً مع اشتداد موجات البرد. وتحتاج العائلة أو الوحدة السكنية إلى حوالي 100 صفيحة تبعاً للظروف المناخية، وفقاً لـ”الدولية للمعلومات”.

بالتالي، إذا اعتبرنا أن سعر الصفيحة 810 آلاف ليرة لبنانية، وفقاً لجدول أسعار المحروقات الصادر أخيراً عن وزارة الطاقة والمياه (المُرجّح أيضاً إلى الارتفاع مع سعر صرف الدولار في السوق السوداء)، تتراوح كلفة التدفئة بالحد الأدنى 80 مليون ليرة في موسم الشتاء.

كما تعتمد بعض العائلات على الغاز وتستهلك أكثر من قارورة في الأسبوع، على الرغم من عدم فعاليته في حالات البرد الشديد مقارنة بالوسائل الأخرى. وبينما يتخطّى سعر القارورة 470 ألف ليرة (وفقاً لجدول وزارة الطاقة) تبلغ كلفة التدفئة حوالي 15 مليون ليرة خلال الشتاء.

واستناداً إلى التكاليف الخيالية لوسائل التدفئة، عادت العائلات إلى الأساليب التقليدية وأبرزها إشعال الحطب، غير آبهين لرائحة الدخان وآثار المدفأة المشتعلة و(الشحتار) على جدران المنزل.

وفي ما يتعلّق بالتكلفة، اضطرّ معظم العائلات إلى إعادة التدوير داخل المنزل عبر إشعال مخلّفات الأوراق والقمامة الخفيفة، بالإضافة إلى الاعتماد على الحطب المصنّع أو ما تستطيع تأمينه من أغصان مُبعثرة في الأحراش والغابات، إذ تصل الحاجة إلى نحو 6 طن من الحطب خلال موسم الشتاء تبعاً للظروف المناخية.

ويبلغ سعر الطن الواحد من خشب السنديان مثلاً، بالحد الأدنى، 150$ أي حوالي 7 ملايين ليرة لبنانية، وهو أيضاً مُرجّح للارتفاع مع دولار السوق السوداء وازدياد الطلب عليه. وعليه، تتراوح كلفة الاعتماد على الحطب بين 30 و40 مليون ليرة في الموسم الواحد.​

QOSHE - خاص ـ “حرق مصاري وأعصاب بـ80 مليون ليرة”… صراع بين الحطب والمازوت - ريتا شليطا
menu_open
Columnists . News Actual . Favourites . Archive
We use cookies to provide some features and experiences in QOSHE

More information  .  Close
Aa Aa Aa
- A +

خاص ـ “حرق مصاري وأعصاب بـ80 مليون ليرة”… صراع بين الحطب والمازوت

5 3 5
22.12.2022

رأف شهر كانون الأول هذا العام باللبنانيين بعد حلوله ضيفاً دافئاً في ذروة الشتاء، إذ على الرغم من الأمطار الغزيرة والسيول التي نتجت عنها في الأسابيع الماضية، و”البهدلة” التي طاولت اللبنانيين على اختلاف مناطقهم ووصلت إلى منازلهم، لم تنخفض الحرارة إلى مستوياتها الموسمية بعد، ما سمح لأبناء القرى والمدينة على حدّ سواء بالاقتصاد في التدفئة حتى اشتداد قسوة الشتاء.

وبعدما اعتاد اللبناني على اللجوء إلى الحلول الترقيعية والأوفر في الصيف، معتمداً على الطاقة الشمسية والـUPS، يحاول تجاوز الأشهر المتبقية بـ”التي هي”. وبغض النظر عن الوسائل، الكهرباء أو الحطب أو الغاز أو المازوت، تكلفتها تُلهب الجيوب على وقع احتراق قيمة الليرة مقابل الدولار الأسود حتى لو اقتصدت........

© Lebanese Forces


Get it on Google Play