“مرّ القطوع على خير وسلِمت الجرّة” هذه المرة.. ففيما البلاد غارقة في فوضى سياسية وسجالات رئاسية وصراعات حكومية وانهيار اقتصادي ومصرفي ومعيشي، ضربت العصابات ضربة أمنية قويّة كان يُمكن أن تكون قاضية وقاتِلة لكل ما يراهن عليه اللبنانيون من دعمٍ خارجي عموماً وخليجي ـ سعودي تحديداً للخروج من الحفرة التي يغرقون فيها أكثر يوماً بعد يوم، غير أن تأهّب الاجهزة العسكرية والأمنية واستنفارَها، كانا أقوى.

ليل الاثنين، كُشف عن تعرّض مواطن سعودي لعملية خطف في بيروت، يوم السبت الماضي، لكن الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي تمكّنا بسرعة قياسية، بعد جهودٍ كبيرة وتنسيقٍ على اعلى المستويات بينهما، من تحريره صباح أمس الثلاثاء، وأوقفت مديرية المخابرات معظم خاطفيه.

الأخطر في ما حصل، وفق ما تقول لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني مصادرُ تابعت القضية منذ لحظاتها الأولى بجوانبها الدبلوماسية والأمنية، هو أن تداعياتها، لو لم يُصَر إلى تحرير المخطوف مشاري المطيري بهذه السرعة، كان يُمكن أن تطاول العلاقاتِ الثنائية ككل، بين لبنان والمملكة، وتعيدها أشواطاً إلى الوراء، فيما هي بدأت في الأسابيع القليلة الماضية تستعيد بعض حرارتها، على وقع حديثٍ عن قرب إعادة فتح مسار التبادل التجاري والزراعي بين الجانبين وفي ظل جهود لرفع الحظر السعودي عن توجّه السياح من المملكة إلى لبنان.

لكن هذا السيناريو القاتم، خنقته الأجهزةُ في المهد، وقد طمأن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي بعد زيارته السفير السعودي وليد بخاري، أمس الثلاثاء، أن “واقعة الاختطاف لم تؤثر على العلاقات، فهي ثابتة ومكرسة ولا شيء يهزها، والمملكة لم تترك لبنان”. في حين تقدم بخاري بالشكر والتقدير لقيادة الجيش وقوى الامن وشعبة المعلومات ووزير الداخلية الذي تابع القضية، وسجّل تقديره ومحبته، قائلاً، “كلّ ما حصل يؤكّد حرص السلطات اللبنانيّة على توفير الظّروف المناسبة لتأمين أمن السياحة في البلد وجذب السياح”.

يبقى أن الأهم، بحسب المصادر، هو منع تكرار مثل هذه الحوادث. وهذا ما يعيدنا إلى أولوية قيام “دولة” قوية في لبنان. فعصاباتُ الخطف وتجارة المخدرات والممنوعات التي دمّرت ولا تزال، صورةَ البلاد وسمعتَها في الخارج والتي أبعدتها عن محيطها العربي وتسبّبت بقطيعةٍ بينها وجيرانها، تتخذ كلّها مِن الدويلات والمربعات الأمنية المنتشرة على الأراضي اللبنانية، ملاجئ ومراتع… وغالبيةُ الفارّين من العدالة والمطلوبين في جرائم مختلفة، تبدأ بتصنيع المخدرات والاتجار بها ولا تنتهي بعمليات الاغتيال السياسي، يتحصّنون في المناطق الخارِجة عن سيطرة الدولة والتي يُمنع على الأجهزة الشرعية دخولُها إلا بعد مواجهات مسلّحة.

وفي المناطق هذه، الواقعة تحت نفوذ حزب الله، تزدهر معاملُ صناعة الكبتاغون الذي وصل إلى أراضي المملكة، وتُعشعش أوكارُ المهرّبين والمطلوبين، ويحتمي داخلَها مَن يعتبرهم الحزب “قديسين” على الرغم من إدانتهم “دولياً” في عمليات تصفيات سياسية.

صحيح أن المرحلة الاقليمية اليوم عنوانُها التهدئة والحوار، خاصة بعد الاتفاق السعودي ـ الايراني، لكن لا بد من نشوء دولة واحدة حقيقية فعلية في لبنان كي لا يبقى مسرحاً لخضّاتٍ وهزاتٍ تمنع وصولَ مناخاتِ التهدئة هذه، إلى أراضيه، تارة عبر إطلاق صواريخ لقيطة من الجنوب وطوراً عبر مناورات وعراضات عسكرية وطوراً آخر عبر خطف مواطنين أجانب والتنقّل بهم بين الضاحية والبقاع، وأيضاً عبر منع انتخاب رئيس للجمهورية إلا اذا كان مِن داخل البيت السياسي للحزب. ذلك أنه في حال بقيت الدويلات تنمو على جوانب الدولة، سيبقى لبنان يتخبط في دوامة أزماته اللامتناهية.

وفي عود على بدء، تضيف المصادر، القوى العسكرية والأمنية أثبتت مرة جديدة، وبما لا يرقى إليه شك، أنها ساهرة على أمن البلاد وأنها قادرة على تسطير الانجازات وإحباط مخططات تحويل لبنان إلى “مزرعة لا كلمة فيها للقانون والدستور” وتشويه صورته في عيون اللبنانيين والعالم.

“الشرعية”، سجّلت هدفاً ثميناً في مرمى “الدويلة” ولوت ذراعها، هذه المرة، تُشكر عليه الأجهزة الأمنية التي أنقذت سمعة بيروت.. ويبقى الأمل في أن تُحسَم هذه المواجهة لصالح “الدولة”، في صورة نهائية، بما فيه مصلحة لبنان وشعبه واقتصاده ومستقبله، وفق المصادر.​

QOSHE - خاص ـ “الشرعية” تلوي ذراع الدويلة… قطوع الخطف مرّ - نور لمع
menu_open
Columnists Actual . Favourites . Archive
We use cookies to provide some features and experiences in QOSHE

More information  .  Close
Aa Aa Aa
- A +

خاص ـ “الشرعية” تلوي ذراع الدويلة… قطوع الخطف مرّ

4 37
31.05.2023

“مرّ القطوع على خير وسلِمت الجرّة” هذه المرة.. ففيما البلاد غارقة في فوضى سياسية وسجالات رئاسية وصراعات حكومية وانهيار اقتصادي ومصرفي ومعيشي، ضربت العصابات ضربة أمنية قويّة كان يُمكن أن تكون قاضية وقاتِلة لكل ما يراهن عليه اللبنانيون من دعمٍ خارجي عموماً وخليجي ـ سعودي تحديداً للخروج من الحفرة التي يغرقون فيها أكثر يوماً بعد يوم، غير أن تأهّب الاجهزة العسكرية والأمنية واستنفارَها، كانا أقوى.

ليل الاثنين، كُشف عن تعرّض مواطن سعودي لعملية خطف في بيروت، يوم السبت الماضي، لكن الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي تمكّنا بسرعة قياسية، بعد جهودٍ كبيرة وتنسيقٍ على اعلى المستويات بينهما، من تحريره صباح أمس الثلاثاء، وأوقفت مديرية المخابرات معظم خاطفيه.

الأخطر في ما حصل، وفق ما تقول لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني مصادرُ تابعت القضية منذ لحظاتها الأولى بجوانبها الدبلوماسية والأمنية، هو أن تداعياتها، لو لم يُصَر إلى تحرير المخطوف مشاري المطيري بهذه السرعة، كان يُمكن أن تطاول العلاقاتِ........

© Lebanese Forces


Get it on Google Play