باتت حياة اللبنانيين اليومية وما يرافقها من تخبّط وهموم أشبه بواقع مُضحك مُبكي، حتى أصبحت السخرية مما يعيشونه أو “النكتة” الملاذ الأخير للتخفيف من التوتر النفسي ووسيلة لتهدئة القلق والخوف من الآتي. لذلك تجدهم يهربون إلى الملعب الكوميدي والبرامج الساخرة.
ولا يُخفى على أحد أسماء الكوميديين المعروفين في لبنان، من بينهم الممثل ماريو باسيل الذي يشرح لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني واقع هذا القطاع وعمّا إذا أصبح الـStandup الإلكتروني بديلاً طغى على رونق المسرح.

يعطي ماريو في بداية حديثه مثلاً للمقارنة بين الكوميدي الموهوب والفوضى القائمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أن “الكوميديا موهبة وجزء من شخصية الإنسان، لا تُدرّس بل تُنمّى عبر التأليف والتمثيل والإخراج. وكما يقول المخرج والمسرحي الأميركي وودي آلن، يمكنك أن تعطي نصاً كوميدياً لرجل جميل ولا يستطيع إضحاك أحد، ويمكنك أن تعطي نصاً فاشلاً لكوميدي موهوب، فيُضحك الجميع. بالتالي، الكوميدي بحاجة للموهبة والثقافة”.
ويعدّد، لموقع “القوات”، عوامل عدم وجود كوميديين جدد على الساحة اللبنانية، قائلاً إن “دخول مواقع التواصل الاجتماعي الذي يسمح لأي شخص التنكيت على أي موقف، وتغيُّر العمل التلفزيوني الذي كان ملك الكوميديا، كسرا هذه الهالة. وأصبح عملنا أصعب كممثلين كوميديين، في تناوُل مواضيع مضحكة على الشاشة، أسبوعياً، لأن مواقع التواصل استبقت الأمر واستهلكت الخبر وأحرقت الفكرة، موضحاً أننا “لهذه الأسباب نعمل اليوم على الأداء المسرحي، بمعنى التمثيل والإخراج والعروض الراقصة والقصة بحدّ ذاتها، بالتالي، هذا يُشجّع على حضور الجمهور إلى المسرح دائماً”.

أما على الضفّة السياسية وتأثيرها على القطاع، يلفت باسيل إلى أن “لبنان كان المحطة الأولى في العالم العربي بثقافته ومسارحه الدرامية والكوميدية، لكن بفضل بعض من يلتحقون بمحور الممانعة الذي أعادنا إلى العصر الجاهلي، عدنا إلى الوراء، ولم نعد جوهرة العرب”.
وعليه، هبوط هذا القطاع أدى إلى هجرة كوميديين بينهم الممثل طوني بارود، ولا يلوم ماريو “قرار طوني وأفهمه جيداً، وكل واحد منا يقول في داخله (شو هالعيشة هون) ويغلّب إنسانيته على وطنيته نتيجة الظروف”. ويضيف، “لو أن زوجتي كانت ببلد أعرف لغته، لكنت فكرت بالهجرة، لكنها روسية ولا أعرف لغتهم”.
ويتابع، “عملنا لا يُستهان به أبداً، وكلما حاولنا إعادة نشاطنا، تطلّ علينا حوادث أمنية وأزمات اقتصادية، ورئيس جمهورية يقول لنا (إذا مش عاجبكن فلّوا)، فالفن بحاجة لأجواء عامة تُريح الممثل والجمهور معاً”.
ويعتبر أن “عودتنا إلى الوراء (من ايدنا)، بسبب قسم من الشعب الذي لا يرى الواقع، ولا يفهم أننا أسير محور ممانعة يغلق علينا أبواب العالم، في حين أن الحلّ الوحيد لكل أزمتنا هو انفتاحنا على الخليج وأوروبا والعالم”.

ومن واقع البلد والقطاع ينتقل ماريو إلى الكوميديا الجريئة التي يُعرف بها، بل هو متّهم بجرأته. وهنا، يؤكد أن “الجرأة الكوميدية لها أربابها وليست تهمة”.
ويستعين بمقولة المخرج المسرحي الفرنسي أنطوني أرتو، قائلاً، “وظيفة المسرح هي صدم الجمهور والتأثير العميق بداخل كل من حضر. بالتالي، أنا أستعمل الكلام البذيء ليستمر الضحك في المسرحية، وهذا الخطّ من الكوميديا ليس فقط في لبنان إنما يُعتمد بالكثير من البلدان، غير أن الوضع العام في بلدنا يساعد في إبراز هذا النوع من الكوميديا”، لافتاً إلى أن “الضحك يخرج من المحرمات”.

من جهة ثانية، يكشف باسيل لموقعنا عن أعماله المستقبلية؛ مسرحية “Dramedy night التي ستعرض في 4 شباط 2023 في مطعم O-Beirut، ليسافر لاحقاً مع الممثل شادي مارون إلى ألمانيا لأداء المسرحية في عيد العشاق، يتبعهما جولة أميركية بعد شهر رمضان. ويحضّر أعمالاً ستُعرض في باريس وكندا ودبي.
ويوضح أنه “يحاول التأقلم مع الوضع والتنقّل بين لبنان والعالم من خلال التنوُّع في الأداء والعروض الراقصة وغيرها لكي نستمر بإضحاك الناس على الرغم من كل ما يحصل”.

QOSHE - خاص ـ ماريو باسيل: الكوميديا الجريئة ليست تهمة ومحور الممانعة أعادنا إلى العصر الجاهلي - أنطونيلا زخيا
menu_open
Columnists . News Actual . Favourites . Archive
We use cookies to provide some features and experiences in QOSHE

More information  .  Close
Aa Aa Aa
- A +

خاص ـ ماريو باسيل: الكوميديا الجريئة ليست تهمة ومحور الممانعة أعادنا إلى العصر الجاهلي

4 9 6
10.01.2023

باتت حياة اللبنانيين اليومية وما يرافقها من تخبّط وهموم أشبه بواقع مُضحك مُبكي، حتى أصبحت السخرية مما يعيشونه أو “النكتة” الملاذ الأخير للتخفيف من التوتر النفسي ووسيلة لتهدئة القلق والخوف من الآتي. لذلك تجدهم يهربون إلى الملعب الكوميدي والبرامج الساخرة.
ولا يُخفى على أحد أسماء الكوميديين المعروفين في لبنان، من بينهم الممثل ماريو باسيل الذي يشرح لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني واقع هذا القطاع وعمّا إذا أصبح الـStandup الإلكتروني بديلاً طغى على رونق المسرح.

يعطي ماريو في بداية حديثه مثلاً للمقارنة بين الكوميدي الموهوب والفوضى القائمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أن “الكوميديا موهبة وجزء من شخصية الإنسان، لا تُدرّس بل تُنمّى عبر التأليف والتمثيل والإخراج. وكما يقول المخرج والمسرحي الأميركي وودي آلن، يمكنك أن تعطي نصاً كوميدياً لرجل جميل ولا يستطيع إضحاك أحد، ويمكنك أن تعطي نصاً فاشلاً لكوميدي موهوب،........

© Lebanese Forces


Get it on Google Play