اعتباراً من أول شباط 2023 ستتغيّر قواعد المحاسبة وآليات القبض والدفع في المؤسسات والشركات والأسواق اللبنانية، ومنها القروض والديون الممنوحة بالدولار الأميركي لدى المؤسسات وفي المصارف، إذ يصبح السعر الرسمي لصرف الدولار الأميركي مقابل الليرة 15 ألف ليرة بدل 1500.

هذا الموعد يثير خشية بل هلع المواطنين وتحديداً المقترضين قروضاً سكنية، من أن يصبح تسديد قرض السكن بالدولار، أو بالليرة اللبنانية وفق سعر صرف 15 ألف ليرة.

وفيما طمأن مصرف الإسكان والمؤسسة العامة للإسكان أن القروض السكنية الممنوحة منهما بالليرة سيبقى تسديدها بالليرة، يوضح مصدر مصرفي لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني في ما خصّ القروض السكنية الممنوحة من المصارف، أن الأخيرة لا تزال تقبض سندات القروض بالدولار الأميركي، وبالليرة على سعر الصرف الرسمي 1500 ليرة، لكنها ترفض قبض كامل القيمة المتبقية من القرض دفعة واحدة، وهذا أمر طبيعي”.

يُذكر أن البنك المركزي عمّم على المصارف أن المقترضين (قروض التجزئة) الذين لا تتجاوز قيمة مدفوعاتهم الشهرية الـ1000 دولار يمكنهم تسديدها على سعر صرف 1500 ليرة، أما إذا كان القسط الشهري يفوق الـ1000 دولار فإنه يمكن دفعه بواسطة شيكات “لولار” أو عبر الدولار النقدي. والمصارف التجارية اللبنانية ملتزمة بهذا البلاغ.

لكن تطورات الأمس استوقفت الوسط المالي والاقتصادي، مع صدور بيان عن مصرف لبنان يعلن فيه رفع سعر دولار منصّة “صيرفة” إلى 38 ألف ليرة التفافاً على “ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي خلال فترة الأعياد والتي امتدت لمدة ثلاثة أيام 2000 ل.ل في السوق الموازية، والناتج عن عمليات مضاربة وتهريب الدولار خارج الحدود”، ما أدّى بعد ساعات قليلة إلى هبوط سعر صرف الدولار في السوق السوداء من نحو 48 ألف ليرة إلى 43 ألفاً.

رئيس دائرة الأبحاث الاقتصادية والمالية في بنك بيبلوس الخبير المالي الدكتور نسيب غبريل أجرى لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني قراءة تقنية لقرار البنك المركزي الصادر أمس، معتبراً أنه “لا يهدف فقط إلى لجم تدهور سعر صرف الليرة، بل أيضاً تقليص الهامش بين سعر صرف الدولار في السوق الموازية وعلى منصّة صيرفة، إذ لاحظنا ارتفاع سعر صرف دولار صيرفة وتثبيته على 38 ألف ليرة… كما يدخل ضمن الهدف الطويل الأمد وهو توحيد سعر الصرف، مع الإشارة إلى أن السعر الرسمي الجديد لصرف الدولار 15 ألف ليرة سيدخل حيّز التنفيذ في أول شباط 2023”.

ويتابع، “يحاول مصرف لبنان إيجاد الحلول ضمن الإمكانات المحدودة والصلاحيات التي يمنحها له القانون. أما تحديد الوقت الذي سيسجل فيه سعر صرف الدولار قفزة جديدة فذلك يدخل من ضمن المضاربات”. ويعزو تراجع سعر صرف الليرة في السوق الموازية إلى كون الأخيرة “سوقاً غير شرعية وغير شفافة ولا تخضع لأي رقابة، بل يتحكّم بها المضاربون والمستفيدون الذين يستغلون المراحل والظروف والاستحقاقات السياسية، والسبب الآخر الطلب المتزايد من التجار السوريين بشكل متواصل على الدولار من السوق اللبنانية”.

ويكشف في السياق، عن “ارتفاع فاتورة الاستيراد إلى لبنان في الأشهر الـ11 الأولى من السنة إلى 17 مليار و800 مليون دولار. وهذه الأرقام كانت تتحقق قبل الأزمة المالية القائمة أي في الأعوام 2017- 2019، وهذا الارتفاع يعود إلى الاستيراد للاقتصادَين اللبناني والسوري في آن. هذا الرقم أثّر بالطبع على سعر صرف الليرة اللبنانية في السوق الموازية”.

ويؤكد غبريل “قدرة مصرف لبنان على إطالة أمد لجم ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، تماماً كما استطاع أوائل العام الحالي ومن خلال القرار ذاته، إذ فتح باب شراء الدولار عبر منصّة صيرفة للمؤسسات والأفراد بدون أي استثناء ما أدى إلى تراجع سعر الدولار في السوق الموازية”.

ويذكّر “إذا عدنا إلى أوائل كانون الأول 2021، نجد أنه كان هناك تدهور حاد في سعر صرف الليرة اللبنانية في السوق الموازية، عندها أصدر مصرف لبنان التعميم الرقم 161 في منتصف كانون الأول 2021 أتبعه الأسبوع الثاني من كانون الثاني 2022 بقرار مماثل للقرار الذي أصدره أمس الثلاثاء، إذ سمح بشراء دولارات بدون سقف من خلال منصّة صيرفة للأفراد والشركات بهدف لجم تدهور سعر صرف الليرة في السوق الموازية. ولاحقاً، في أيار عقب الانتخابات النيابية حصل أيضاً تقلبات حادة في سعر الصرف، أصدر على أثرها البنك المركزي قراراً ساهم في لجم التدهور بعض الشيء، كذلك أصدر منذ نحو شهرين قراراً أعلن فيه توقفه عن شراء الدولارات والاستمرار في بيعها”.

ويوضح، كل تلك القرارات معطوفة على القرار الصادر أمس، هدفها لجم تدهور سعر صرف الليرة في السوق الموازية، في انتظار الإصلاحات الشاملة والحل المتكامل الذي من شأنه استعادة الثقة وبالتالي إعادة ضخّ الأموال بالعملات الأجنبية والسيولة في الاقتصاد اللبناني. وحتى اليوم لم يحصل ذلك للأسف، ونرى أن مصرف لبنان هو المؤسسة العامة المدنية الوحيدة التي تتخذ القرارات، فيما مجلس النواب عاجز عن انتخاب رئيس للجمهورية، والحكومة في وضع تصريف أعمال.​

QOSHE - خاص ـ الدولار يراقص “اليأس السياسي”… هل يُخضعه “المركزي”؟ -  ماري هاشم
menu_open
Columnists . News Actual . Favourites . Archive
We use cookies to provide some features and experiences in QOSHE

More information  .  Close
Aa Aa Aa
- A +

خاص ـ الدولار يراقص “اليأس السياسي”… هل يُخضعه “المركزي”؟

4 2 3
28.12.2022

اعتباراً من أول شباط 2023 ستتغيّر قواعد المحاسبة وآليات القبض والدفع في المؤسسات والشركات والأسواق اللبنانية، ومنها القروض والديون الممنوحة بالدولار الأميركي لدى المؤسسات وفي المصارف، إذ يصبح السعر الرسمي لصرف الدولار الأميركي مقابل الليرة 15 ألف ليرة بدل 1500.

هذا الموعد يثير خشية بل هلع المواطنين وتحديداً المقترضين قروضاً سكنية، من أن يصبح تسديد قرض السكن بالدولار، أو بالليرة اللبنانية وفق سعر صرف 15 ألف ليرة.

وفيما طمأن مصرف الإسكان والمؤسسة العامة للإسكان أن القروض السكنية الممنوحة منهما بالليرة سيبقى تسديدها بالليرة، يوضح مصدر مصرفي لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني في ما خصّ القروض السكنية الممنوحة من المصارف، أن الأخيرة لا تزال تقبض سندات القروض بالدولار الأميركي، وبالليرة على سعر الصرف الرسمي 1500 ليرة، لكنها ترفض قبض كامل القيمة المتبقية من القرض دفعة واحدة، وهذا أمر طبيعي”.

يُذكر أن البنك المركزي عمّم على المصارف أن المقترضين (قروض التجزئة) الذين لا تتجاوز قيمة مدفوعاتهم الشهرية الـ1000 دولار يمكنهم تسديدها على سعر صرف 1500 ليرة، أما إذا كان القسط الشهري يفوق الـ1000 دولار فإنه يمكن دفعه بواسطة شيكات “لولار”........

© Lebanese Forces


Get it on Google Play