من لم يهاجر في زمن الحرب اللبنانية، قضى عليه عهد الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون، الذي قال لشعبه، “لي مش عاجبو يهاجر”، فكان له ما أراد، وحزم اللبنانيون أمتعتهم بعدما أجهزت المنظومة على مصدر رزقهم، وهاجروا إلى أصقاع الأرض بحثاُ عن وطن يأويهم، عن سقف يحتضنهم وعائلاتهم ليعيشوا بكرامة، ليتمكنوا من شراء حبّة دواء، وبحثاً عن دولة لا يموتون على أبواب مستشفياتها وتؤمِّن لهم الحد الأدنى من متطلبات العيش، من كهرباء ومياه وعمل واستقرار وأمن، وتقدِّر تعبهم.

لن يغيب لبنان يوماً عن وجدان المنتشرين اللبنانيين. هم يعيشون جسداً في الاغتراب، فيما قلبهم لا يزال ينبض في لبنان حيث ينتمون. أفكارهم في وطن الآباء والأجداد، ويأملون خيراً بعدما انتهى أسواً عهد في تاريخ لبنان، وينظرون إلى المستقبل بتفاؤل حذر مع الأمل بأن يكون الأفضل آتٍ، عبر رئيس جمهورية جديد يحمل هواجسهم وطموحاتهم وتطلعاتهم، ويعيدهم إلى وطنهم، وحكومة جديدة تكون تذكرة عبور نحو دولة حقيقية طال انتظارها.

واكيم: المنتشرون انتظروا انتهاء العهد

يوضح مساعد الأمين العام لشؤون الانتشار في حزب القوات اللبنانية، النائب السابق عماد واكيم، أن “المنتشرين يُقسمون إلى قسمين: الأول، يتابع الأوضاع اللبنانية، خصوصاً المنتمون إلى أحزاب منظَّمة، كالقوات اللبنانية وغيرها، إذ يتمّ وضعهم في أجواء ما يحصل في لبنان بصورة دائمة، فنراهم يتفاعلون مع الأحداث اللبنانية المختلفة. أما القسم الثاني، فمتمسِّك بلبنان أيضاً، لكنه لا يتابع تفاصيل الأزمة اللبنانية بيومياتها”.

ويشدد واكيم، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الالكتروني، على أن “ثقة المنتشرين بالدولة اللبنانية مفقودة، نتيجة أداء المنظومة الحاكمة وسلوك عهد الرئيس السابق عون، بالإضافة إلى العهود السابقة في زمن الوصاية السورية. لكنّ الصدمة الأكبر أتت في عهد عون، بعدما كان الأمل كبيراً. لكن آمالهم خابت بعد خسارتهم أموالهم وجنى أعمارهم وتعب سنين الغربة، نتيجة الأزمة التي عصفت بالمصارف.

ويتابع، “البعض منهم، خصوصاً كبار السن، كانوا يتأمَّلون بإنهاء غربتهم الطويلة والتقاعد في لبنان. لكن تبخَّرت ودائعهم المصرفية وباتوا كأنهم هاجروا بالأمس القريب، فاضطُّروا إلى البدء من جديد والكدّ والتعب كأنهم في ريعان الشباب، لمحاولة تطوير أعمالهم في الخارج، كي يتمكنّوا من العودة إلى لبنان والعيش بكرامة”.

ويلفت واكيم، إلى أن “التوجه السياسي العام للمنتشرين ظهر خلال الانتخابات النيابية الأخيرة. وعلى الرغم من عرقلة المنظومة ووزارة الخارجية لعمليات الاقتراع في دول الانتشار، غير أنهم أصرّوا على أداء واجبهم تجاه وطنهم، وقاموا بتسجيل أسمائهم للاقتراع. وأتت نتيجة الانتخابات واضحة عبر خارطة تصويت المنتشرين، فكان التصويت لمصلحة المعارضة بشكل كثيف”.

ويشير، إلى أن “أصوات المنتشرين توزَّعت على أحزاب المعارضة وبعض الشخصيات المُعارضة. وهذا كان بمثابة (حجّ خلاص) بالنسبة للمنتشرين وما يؤمنون به للخلاص من العهد، الذي بدلاً من أن يقوم بالإصلاحات التي وعد بها، تلهَّى بمصالحه الشخصية”، منوِّهاً إلى أن “الانتشار أصبح قوة أساسية كامنة، بل فاعلة ومتحركة، للسيادة وللشعب اللبناني، ويتمسَّك بلبنان أكثر كلّما شعر بخطر داهم يتهدَّده”.

ويرى واكيم، أنه “في الأعوام الثلاثة الماضية عندما بدأ الانهيار الاقتصادي، لعب المنتشرون دوراً بارزاً في مساعدة اللبنانيين المقيمين، الذين استعادوا عبر هذه المساعدات بعضاَ من أنفاسهم، وإلا، لكان الوضع أسوأ بكثير. فمليارات المنتشرين بالعملات الأجنبية ساهمت بتخفيف الأعباء عن اللبنانيين، إن من خلال الأموال التي يرسلونها لعائلاهم وأهاليهم وذويهم وأصدقائهم، أو التي يأتون بها مباشرة ويصرفونها في لبنان، خلال زيارة الأهل أو لقضاء عطلة في ربوعه”.

ويؤكد، أن “المنتشرين انتظروا بفارغ الصبر انتهاء عهد عون، كي يبقى الأمل ببناء الدولة. وهم يتأمَّلون أيضاً بانتخاب رئيس جمهورية جديد سياديّ إنقاذيّ إصلاحيّ بامتياز، يتمتَّع بنظافة الكف، ويعيد ثقتهم المفقودة بالدولة اللبنانية، ويعمِّق ارتباطهم بوطنهم الذي لم يتخلّوا عنه يوماً”.

QOSHE - خاص ـ المنتشرون جسداً في الخارج وقلباً في الداخل… آمال بعد خيبة عهد عون - شارل عازار
menu_open
Columnists . News Actual . Favourites . Archive
We use cookies to provide some features and experiences in QOSHE

More information  .  Close
Aa Aa Aa
- A +

خاص ـ المنتشرون جسداً في الخارج وقلباً في الداخل… آمال بعد خيبة عهد عون

3 6 34
03.11.2022

من لم يهاجر في زمن الحرب اللبنانية، قضى عليه عهد الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون، الذي قال لشعبه، “لي مش عاجبو يهاجر”، فكان له ما أراد، وحزم اللبنانيون أمتعتهم بعدما أجهزت المنظومة على مصدر رزقهم، وهاجروا إلى أصقاع الأرض بحثاُ عن وطن يأويهم، عن سقف يحتضنهم وعائلاتهم ليعيشوا بكرامة، ليتمكنوا من شراء حبّة دواء، وبحثاً عن دولة لا يموتون على أبواب مستشفياتها وتؤمِّن لهم الحد الأدنى من متطلبات العيش، من كهرباء ومياه وعمل واستقرار وأمن، وتقدِّر تعبهم.

لن يغيب لبنان يوماً عن وجدان المنتشرين اللبنانيين. هم يعيشون جسداً في الاغتراب، فيما قلبهم لا يزال ينبض في لبنان حيث ينتمون. أفكارهم في وطن الآباء والأجداد، ويأملون خيراً بعدما انتهى أسواً عهد في تاريخ لبنان، وينظرون إلى المستقبل بتفاؤل حذر مع الأمل بأن يكون الأفضل آتٍ، عبر رئيس جمهورية جديد يحمل هواجسهم وطموحاتهم وتطلعاتهم، ويعيدهم إلى وطنهم، وحكومة جديدة تكون تذكرة عبور نحو دولة حقيقية طال........

© Lebanese Forces


Get it on Google Play