لطالما حاولت السلطات المتعاقبة على الحكم في لبنان، منذ حقبة الاحتلال السوري وصولاً إلى يومنا هذا، تدجين القضاء، إلا أن الضرر الذي ألحقته به لم يبلغ يوماً حجم الضرر الذي أصابه في ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون.
مصادر في الوسط القضائي عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني تعتبر أن هذا الهيكل تصدّع بقوة في السنوات الست الماضية بفعل ضربات تلقاها من كل حدب وصوب منذ منتصف العهد العوني تقريباً. فصحيح أن أهل المنظومة اختاروا القاضي سهيل عبود لموقع رئاسة مجلس القضاء الأعلى، وهو مشهود له، محلياً ودولياً، بنزاهته واستقامته، إلا أنهم لم يتركوه يقوم بواجباته كما يجب، بل كبّلوه بسلاسل لا تنتهي من العقبات والشروط، محاوِلين إخضاعه لخياراتهم هم. فالتشكيلات القضائية التي وضعها عبود العام 2019، لم تعجب رئيس الجمهورية، فلم يوقّعها أو يقرّها وسجنها في أدراج قصر بعبدا حيث لا تزال تقبع حتى هذه اللحظة. نعم، تتابع المصادر، مجلس القضاء الأعلى ارتأى توزيعاً معيناً للقضاة، إلا أن هذا التوزيع المبني طبعاً على الكفاءة والذي يراعي المعايير المطلوب من المجلس أن يراعيها، لم يُرضِ العهد الذي كان يريد توزيعاً مختلفاً يضع الأزلام والمحاسيب في مراكز محددة وأبرزهم القاضية المحسوبة على الفريق البرتقالي غادة عون.
على أي حال، لم يكتف عون بذلك، تتابع المصادر. فهو أطلق يدي القاضية عون ـ التي قلدها وساماً منذ ساعات ـ لمطاردة المصارف وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشركات تحويل الأموال والصرافين، وغطاها في كل المطاردات التي قامت بها مسانِداً إياها بعناصر من جهاز أمن الدولة، والتي وصلت الى ختم مكاتب شركة مكتّف للصيرفة، بينما كان مجلس القضاء الأعلى أدر قراراً بكف يدها عن هذه القضايا لأنها ليست من صلاحياتها أو مهامها! فتمرّدت القاضية، بمؤازرةٍ قوية من العهد، على رؤسائها، ما ساهم في إضعاف صورة القضاء وهيبته، وقد ثبت في أكثر من محطة أن قراراتها كانت جائرة، بدليل إعادة فتح شركة مكتّف أبوابها، و”شكليّة” للعراضة لا أكثر، بدليل المداهمات التي قامت بها لـ”المركزي” بحثاً عن سلامة “من دون أن تجده”!
وإلى هذه الفوضى التي أدخلها إلى البيت القضائي بحجة مكافحة الفساد والتلاعب بسعر صرف الليرة، هو واصل هدمَه من خلال التدخّل في ملف تحقيقات المرفأ. نعم، تقول المصادر، العهد لم يسكت فقط عن تهديد حليفه حزب الله للمحقق العدلي القاضي طارق بيطار من خلال مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق فيه وفيق صفا الذي توعّد بيطار بالقبع، بل قرر في الأسابيع الماضية، تحريك الشارع البرتقالي ونواب “لبنان القوي” للضغط على مجلس القضاء الأعلى لإخلاء سبيل الموقوفين في تحقيقات 4 آب وأبرزهم المدير العام للجمارك بدري ضاهر المحسوب على العهد، قبل أن يوعز إلى وزير العدل هنري خوري المحسوب أيضاً على الرئيس عون في الحكومة، الطلب من “القضاء الأعلى” تعيين قاض رديف في قضية المرفأ، في سابقة لم يعرف القضاء مثيلاً لها تُعتبر هرطقة قانونية، ليحلّ مكان البيطار ـ المكفوفة يديه بسبب دعاوى حلفاء التيار في الثنائي الشيعي ـ ويقرّ هو إخلاءات السبيل.
وطلب العهد في هذا الإطار أيضاً من “المجلس” أن يعيّن قاضية مقربة من التيار الوطني الحر سمرندا نصار، في هذا الموقع. وليكتمل المشهد، قرر خوري دعوة المجلس إلى الانعقاد منذ أيام، في تخطّ واضح لصلاحياته، فما كان من القاضي عبود ومن نقابة المحامين في بيروت، إلا أن “بقّا البحصة”، شاجبَين التدخلات السافرة في عمل القضاء.
على الرغم من هذه الشاذات والممارسات كلّها التي تعبث بالقضاء واستقلاليته وسلطته، يؤكد رئيس الجمهورية أن “من يقيد القضاء قد يكون متضرراً من عدالته، وهو صاحب نفوذ كي يصل إلى تعطيل سلطة دستورية كالقضاء”، ويطالب “القضاة أن يواجهوا من يقيد العدالة، سواء في المصرف المركزي أو في التحقيقات المتعلقة بانفجار مرفأ بيروت، وينتفضوا لكرامتهم وسلطتهم”.
لكن مع الأسف، تقول المصادر، سبق “العهد القوي” الجميعَ في تقييد العدالة وتهشيم صورة القضاء وتقويضه، ويمكنه أن يُضيف هذا “التفوّق” إلى سلسلة “إنجازاته” الـ”لا متناهية”.
من تعطيل التشكيلات إلى عرقلة التحقيقات… “أزلام برتقالية” للقضاء على القضاء
لطالما حاولت السلطات المتعاقبة على الحكم في لبنان، منذ حقبة الاحتلال السوري وصولاً إلى يومنا هذا، تدجين القضاء، إلا أن الضرر الذي ألحقته به لم يبلغ يوماً حجم الضرر الذي أصابه في ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون.
مصادر في الوسط القضائي عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني تعتبر أن هذا الهيكل تصدّع بقوة في السنوات الست الماضية بفعل ضربات تلقاها من كل حدب وصوب منذ منتصف العهد العوني تقريباً. فصحيح أن أهل المنظومة اختاروا القاضي سهيل عبود لموقع رئاسة مجلس القضاء الأعلى، وهو مشهود له، محلياً ودولياً، بنزاهته واستقامته، إلا أنهم لم يتركوه يقوم بواجباته كما يجب، بل كبّلوه بسلاسل لا تنتهي من العقبات والشروط، محاوِلين إخضاعه لخياراتهم هم. فالتشكيلات القضائية التي وضعها عبود العام 2019، لم تعجب رئيس الجمهورية، فلم يوقّعها أو يقرّها وسجنها في أدراج قصر بعبدا حيث لا تزال تقبع حتى هذه اللحظة. نعم، تتابع المصادر، مجلس القضاء الأعلى ارتأى توزيعاً معيناً........
© Lebanese Forces
visit website