بعدما “نُفيَ” من لبنان، عاد رئيس الجمهورية ميشال عون إلى بعبدا حليفاً للنظام السوري تحت جناح حزب الله، متنكّراً لكل الشعارات التي أطلقها وبنى شعبيّته على أساسها، ولعلّ من أبرزها “تكسير راس حافظ الأسد”.

عون الذي وصل إلى قيادة الجيش في العام 1984، ظهرت تناقضاته منذ البداية. فاعتباره أن “كل عنصر من القوات اللبنانية هو بمثابة عسكري في الجيش اللبناني”، ما لبث أن تحوّل حبراً على ورق بعد شنّه ما يسمّى بـ”حرب الإلغاء” مدّعياً توحيد البندقيّة.

ولم يترك العماد تناقضاته وشعاراته المزيّفة في الثمانينيات من القرن الماضي، بل حملها معه إلى القصر الجمهوري في العام 2016، من خلال الطعن بـ”اتفاق معراب”، الذي لو التزم بمبادئه وعناوينه في بناء الدولة واستعادة سيادتها، لما كنا ربما وصلنا اليوم إلى هذه الحالة البائسة بفعل انقلابه عليه، تحقيقاً لمصالحه الشخصية والحزبية، وما يناسب مصالح صهره رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل.

تناقضاته لم تكن بعيدة عن الرأي العام، فجميع اللبنانيين استمعوا إلى خطاب القسم الذي أدلى به فور انتخابه رئيساً، والذي كان بعيداً كل البعد عن ممارسته لحكمه. فقوله إننا “سنتعامل مع الإرهاب ردعياً وتصدّياً، حتّى القضاء عليه”، لا يكون من خلال تهريب عناصر “داعش” بالباصات في معركة فجر الجرود، و”معالجة مسألة النزوح السوري عبر تأمين العودة السريعة” لا تكون بتوطين عدد منهم.

وللتذكير أيضاً، بعدما طالب رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان بحصة وزاريّة، رفع عون الصوت واعترض على هذا المطلب، مشدداً على “عدم وجود نص دستوري يكرّس هذا الأمر”. ومتذرّعاً بأن “له أكبر كتلة نيابية”، عرقل تشكيل حكومات عدّة بغية الحصول على حصّته، علماً أن رئيس الجمهورية يفترض أن يكون الضامن الأول للدستور لا أن يكون طرفاً عبر وزراء “محسوبين عليه”.

ولا يمكن لأحد أن ينسى عندما توجّه عون لقائد الجيش السابق جان قهوجي، قائلاً “إياك تنزّل الجيش بوجّ مظاهرة للوطني الحر”، وتشديده عل حق التعبير والتظاهر. وفي المقابل، لا تزال طريقة تعامله مع انتفاضة 17 تشرين بالقمع ما ثلة في الأذهان، فضلاً عن قوله “يللي مش عاجبو يهاجر”.

ومن أهم الوعود الرئاسية التي وعدنا بها عون، كانت “إيصال من يستحق والشخص المناسب إلى مواقع المسؤولية”. بالتالي من الطبيعي أنه لتحقيق هذا المبدأ، كان يتوجّب اتّباع آلية للتعيينات الإدارية.

لكن بعد تقديم حزب القوات اللبنانية، عبر عضو تكتل الجمهورية القوية النائب جورج عدوان، قانوناً يرمي لتنظيم هذه التعيينات، اعترضه عون مدّعياً عدم دستوريّته، وعمل على الطعن به أمام المجلس الدستوري. طبعاً كلّ هذا ليس لحماية الدستور، لا بل للتمتّع بكامل الحرية في تعيين من يريد في الوزارة التي تحلو له.

ويؤكد رئيس “الحركة اللبنانية الحرة” وعضو “الجبهة السيادية من أجل لبنان” بسام خضر آغا، أن “التناقض سيّد موقف عون، فالعناوين المطروحة في ستراسبورغ وأستراليا وأميركا تختلف عن الواقع”، مشيراً إلى “قانون محاسبة سوريا الذي اعتبره حينها أنّه يؤمّن سيادة لبنان”.

ويضيف خضر آغا، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، “قال عون في 18-2-2002، إنه تداول مع الأميركيين العديد من القضايا، وأهمها كان حول الإرهاب”، معتبراً أن “سوريا هي التي تحميه وتغذّيه وتنظّمه، وبالتالي إن ضرب النظام السوري هو ضرب للإرهاب من أساسه”.

ويذكّر، أن “عون قال مرّة إننا أثّرنا على أوروبا وجعلنا الأوروبيين يضيفون قناة المنار ووسائل حزب الله الإعلامية على قائمة الإرهاب، وألغينا بثّها”، لكنه انقلب على مواقفه كما بات معروفاً. ويسأل، “كيف لرئيس جمهورية أن يعطي لحزب الله الحق في إعلان الحروب، وتفسير القوانين والدستور، ويؤمِّن التغطية له، مسهِّلاً للمشروع الإيراني الوصول إلى الشاطئ اللبناني وربطه بالدولة الفارسية؟”.

ويتابع، “أمّا في ما يتعلّق بالاستراتيجية الدفاعية، لعون كلمة مشهورة يرددها دائماً، (لا شيء اسمه استراتيجية دفاعية في ظلِّ بلد له مقوّمات الدولة)، أي أنه كان حتىّ ضد ذلك الطرح. بالتالي، التناقض واضح جداً”.

ويشدد خضر آغا، على أن “عون ليس مع اتفاق الطائف كما يشيّع هو وتياره، بل إن كل هدفه إسقاطه”، مضيفاً أنه “كان ضد رئيس الحكومة الأسبق الشهيد رفيق الحريري، باعتبار أنه هو من رعى هذا الاتفاق”.

ويكشف، لموقعنا، عن أنه “عندما كان عون قائداً للجيش، اعتبر حينها أن الرائد إميل لحود، رئيس الجمهورية الأسبق، غير صالح للقيادة” بحسب قوله، مشيراً إلى أنه “عاد وبدّل رأيه فيه وأتمَّ صفقة معه ومع النظام السوري لترتيب صفقة عودته من باريس”، مشيراً إلى أنه “بعدما ادّعى عون أن الخطر الداهم على المسيحيين هو من خارج الحدود، كان أوّل من خان المسيحيين والوطن وحتّى أنصار الجيش”.

ويعتبر خضر آغا، أن “ميشال عون ليس لبنانياً، ولا ينتمي لهذه الأرض ولا لهذا الوطن، لأننا رأينا منه أشياء غريبة عجيبة من التناقضات”، متهماً إياه بـ”الخيانة العظمى”، ومتوجّهاً لـ”أتباع عون” قائلاً، “أنتم من اتّخذتم من الخنوع عقيدة لكم، والتعسّف عدالة”.

لكن الحق يقال، إن عون وفى بوعد واحد، “رايحين ع جهنّم”.​

QOSHE - خاص ـ “لحقناه ع باب الدار”… ولم ينفّذ وعوده - جوزيف أبي عبود
menu_open
Columnists . News Actual . Favourites . Archive
We use cookies to provide some features and experiences in QOSHE

More information  .  Close
Aa Aa Aa
- A +

خاص ـ “لحقناه ع باب الدار”… ولم ينفّذ وعوده

3 19 9
27.10.2022

بعدما “نُفيَ” من لبنان، عاد رئيس الجمهورية ميشال عون إلى بعبدا حليفاً للنظام السوري تحت جناح حزب الله، متنكّراً لكل الشعارات التي أطلقها وبنى شعبيّته على أساسها، ولعلّ من أبرزها “تكسير راس حافظ الأسد”.

عون الذي وصل إلى قيادة الجيش في العام 1984، ظهرت تناقضاته منذ البداية. فاعتباره أن “كل عنصر من القوات اللبنانية هو بمثابة عسكري في الجيش اللبناني”، ما لبث أن تحوّل حبراً على ورق بعد شنّه ما يسمّى بـ”حرب الإلغاء” مدّعياً توحيد البندقيّة.

ولم يترك العماد تناقضاته وشعاراته المزيّفة في الثمانينيات من القرن الماضي، بل حملها معه إلى القصر الجمهوري في العام 2016، من خلال الطعن بـ”اتفاق معراب”، الذي لو التزم بمبادئه وعناوينه في بناء الدولة واستعادة سيادتها، لما كنا ربما وصلنا اليوم إلى هذه الحالة البائسة بفعل انقلابه عليه، تحقيقاً لمصالحه الشخصية والحزبية، وما يناسب مصالح صهره رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل.

تناقضاته لم تكن بعيدة عن الرأي العام، فجميع اللبنانيين استمعوا إلى خطاب القسم الذي أدلى به فور انتخابه رئيساً، والذي كان بعيداً كل البعد عن ممارسته لحكمه. فقوله إننا “سنتعامل مع الإرهاب ردعياً وتصدّياً، حتّى القضاء عليه”، لا يكون من خلال تهريب........

© Lebanese Forces


Get it on Google Play