6 سنوات، لم يقتصر فيها عهد رئيس الجمهورية ميشال عون على موجة من الأزمات التاريخية، ومواقف مذلّة لا تعد ولا تحصى عاشها اللبنانيون في عهدٍ جهنّمي سلّم البلاد إلى دويلة مسلحة. بل كانت كفيلة بعزل لبنان عن محيطه العربي، ومحاولة إلحاقه كلياً بمحور الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
حصل ذلك من دون إقامة أي اعتبار لمصالح لبنان العليا مع أشقائه العرب، خصوصاً دول الخليج وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية، التي وقفت إلى جانب لبنان وأمدَّته طوال عقود بالمساعدات والإيداعات المالية في مصرف لبنان، التي ساهمت بالحفاظ على قوة الليرة مقابل الدولار، ودعمت خزينة الدولة وغطَّت أعباء الديون. في حين لم يتوانَ عون وتياره عن ترك البلاد منبراً لحزب الله، يُهاجم من خلاله دول الخليج وغيرها من الدول العربية، مهدِّداً أمنها القومي.
والدلائل كثيرة على جنوح لبنان تدريجياً في ظل العهد العوني نحو المحور الإيراني، بدء من رأس العهد إلى قيادة التيار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل ووزرائه وحلفائه. والكل يذكر وصف وزير الخارجية السابق شربل وهبة شعوب الدول الخليجية بـ”البدو”، متّهماً تلك الدول بأنها “أتت بتنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية إلى لبنان”.
ومن منا ينسى مواقف وزير الإعلام السابق جورج قرداحي من التحالف العسكري الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن، الذين يهددّون أمنها وشعبها ويعتدون على أراضيها ومنشآتها النفطية بالصواريخ؟ أو انعقاد مؤتمر صحفي لجمعية الوفاق البحرينية المعارضة للمملكة في لبنان، بغطاء ودعم من حزب الله، كاد أن يتسبَّب بأزمة دبلوماسية مع مملكة البحرين؟
أما المحاولات المستمرة لتهريب حبوب الـ”كبتاغون” إلى الدول العربية، خصوصاً السعودية، فالكل يدرك تداعياتها الكارثية على لبنان، بعدما اضطُّرت الرياض إلى وقف عمليات استيراد المنتوجات الزراعية وبعض المواد الصناعية من لبنان، وتضامنت دول مجلس التعاون الخليجي مع المملكة، لتشلّ المقاطعة الخليجية القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية وتخلّف خسائر بمئات ملايين الدولارات.
ويؤكد المحلل السياسي نبيل بو منصف، أن “علاقات لبنان مع الدول العربية والخليجية، لم تشهد تدهوراً مماثلاً كما حصل في عهد عون، لا خلال الوصاية السورية ولا بعد العام 2005، بسبب الانحياز الكامل لرئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية إلى إيران بوجه الدول العربية والخليجية”.
ويلفت، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “هذا العهد لم يراعِ، بالحد الأدنى، أهم مصلحة حيوية للبنان مع دول الخليج، تتمثَّل بوجود ما يقارب النصف مليون لبناني يعملون في تلك الدول ومعظمهم في المملكة. كما لم يراعِ الدور التاريخي الذي قامت به السعودية في لبنان منذ الطائف إلى اليوم، لا سيما لجهة تقديم المساعدات المادية والمعنوية على مختلف الأصعدة”.
ويوضح بو منصف، أن “العهد تجاهل خطورة المسّ بالعلاقات اللبنانية السعودية، مع وقوف كل دول مجلس التعاون الخليجي إلى جانب المملكة، على الرغم من اختلاف المواقف أحياناً بين كلّ من الإمارات وقطر مع السعودية. بالإضافة إلى تضامن الدول العربية الأخرى ورفضها إهانة السعودية”.
ويشير، إلى أنه “كان على لبنان اتباع سياسية النأي بالنفس، إنما العهد من خلال تحالفه مع حزب الله أسقط هذا الحل وفضّل الانحياز الكامل إلى إيران. وهو حاول إعادة توازن الأمور مع الدول العربية ببيانات شكلية، تشدِّد على عمق العلاقات اللبنانية السعودية والعربية، لكن بعد فوات الأوان”، مضيفاً أننا “لا نزال في صلب الأزمة الدبلوماسية، بانتظار انتخاب رئيس جمهورية جديد يعيد لبنان إلى واقعه الطبيعي وحضنه العربي”.
ويرى بو منصف، أننا “لا نستطيع فصل مواقف الوزراء المحسوبين على التيار الوطني الحر عن رئيس الجمهورية، إذ إن كل مواقفهم المسيئة للسعودية والدول العربية تُحسب على العهد. خصوصاً وزارة الخارجية، لأنها الدبلوماسية التي تمثّله والناطقة باسمه، وكان من المفترض أن تمثِّل الدولة اللبنانية وتنطق باسم السياسة العليا وكل اللبنانيين وتراعي مصالحهم، ما لم نره خلال 6 سنوات”.
ويشدد، على أننا “لا نستطيع تجاهل الدول الغربية التي تحثّ المسؤولين اللبنانيين على ترميم العلاقات مع المملكة والدول العربية. كما أننا في الوقت عينه، لا نريد معاداة إيران، لكن لا نستطيع تكريس تبعية فئة كبيرة من اللبنانيين لها ونحوّلها إلى سياسة الدولة”.
ويؤكد بو منصف، أن “زعزعة العلاقات مع الدول العربية لعبة مكشوفة وغير مبطّنة، إذ تحوّل الرأي الشخصي وحرية التعبير الرافضة لسياسة الدول العربية والعلاقات معها إلى نهجٍ دفع لبنان ثمنه”، معتبراً أن “الأزمة الدبلوماسية مختلفة عن الأزمة الاقتصادية التي تحتاج إلى سنوات عدة لإعادة لبنان إلى سكة التعافي. فترميم العلاقات اللبنانية العربية لا يحتاج تصريحات وبيانات سطحية، بل إلى وعي وحكمة وعدم تبعية إلى محور معيّن يضيّق الخناق على لبنان”.
خاص ـ دبلوماسية جهنّمية عزلت لبنان عربياً… بعبدا لعيون نصرالله
6 سنوات، لم يقتصر فيها عهد رئيس الجمهورية ميشال عون على موجة من الأزمات التاريخية، ومواقف مذلّة لا تعد ولا تحصى عاشها اللبنانيون في عهدٍ جهنّمي سلّم البلاد إلى دويلة مسلحة. بل كانت كفيلة بعزل لبنان عن محيطه العربي، ومحاولة إلحاقه كلياً بمحور الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
حصل ذلك من دون إقامة أي اعتبار لمصالح لبنان العليا مع أشقائه العرب، خصوصاً دول الخليج وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية، التي وقفت إلى جانب لبنان وأمدَّته طوال عقود بالمساعدات والإيداعات المالية في مصرف لبنان، التي ساهمت بالحفاظ على قوة الليرة مقابل الدولار، ودعمت خزينة الدولة وغطَّت أعباء الديون. في حين لم يتوانَ عون وتياره عن ترك البلاد منبراً لحزب الله، يُهاجم من خلاله دول الخليج وغيرها من الدول العربية، مهدِّداً أمنها القومي.
والدلائل كثيرة على جنوح لبنان تدريجياً في ظل العهد العوني نحو المحور الإيراني، بدء من رأس العهد إلى قيادة التيار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل ووزرائه وحلفائه. والكل يذكر وصف وزير الخارجية السابق شربل وهبة شعوب الدول الخليجية بـ”البدو”، متّهماً تلك الدول بأنها “أتت بتنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية........
© Lebanese Forces
visit website