في لبنان 16 محطة كهرمائية لإنتاج الطاقة الكهربائية، أُنشئت في القرن الماضي حين كان في لبنان دولة ومسؤولون على قدر من المسؤولية الوطنية. وبعدما وصلت في ذروة إنتاجها سابقاً إلى نحو 720 ميغاواط سنوياً، باتت في أيامنا الحاضرة البائسة، بغالبيتها، إما خارج الخدمة كلياً أو تعمل بطاقة محدودة جرّاء الإهمال وغياب الصيانة اللازمة لها.

ومعلوم أن الطاقة الكهربائية المنتجة من المحطات الكهرمائية، تصنَّف بالطاقة النظيفة، إذ تخفِّف من التلوث الناتج عن المعامل الحرارية، فضلاً عن الكلفة المنخفضة للطاقة الكهربائية المنتجة منها. لكن يبدو أن الدولة تهمل الاهتمام بهذا الجانب، إلى حدِّ ترك المعامل القائمة مسرحاً للإهمال والصدأ. وذلك على الرغم من أزمة الكهرباء الخانقة التي يعانيها لبنان، بعد هدر أكثر من 40 مليار دولار على الكهرباء، والنتيجة، شبه عتمة شاملة أو ساعة كهرباء في الـ24 ساعة يومياً من الدولة، وفواتير المولدات الخاصة تكوي المواطنين.

ولا يبدو أن المسؤولين المعنيين بوارد السماح لأي حلول جدية لأزمة الكهرباء، حتى ولو بشكل جزئيّ، على الرغم من الخطط والتصاريح والاجتماعات والمؤتمرات والوعود التي يتبيَّن تباعاً أنها كاذبة. بل أكثر من ذلك، يعملون لعرقلة وتسويف أي حل يُطرح لتخفيف حدّة الأزمة، بإعادة تفعيل المحطات الكهرمائية في مختلف المناطق اللبنانية، حتى ولو كان من ضمن هبات ومن دون أي كلفة على الخزينة. بالتالي، تصبح الأسئلة مشروعة حول هذا الإهمال المتعمَّد من قبل المعنيين، إلى حدِّ الشكوك بالتواطؤ مع المستفيدين والمنتفعين.

ومتابعة لهذا الموضوع الحيوي، خصوصاً في ظل الوضع الكارثي الحالي للكهرباء في لبنان، عمد عضو تكتل الجمهورية اللبنانية النائب فادي كرم، بمعيّة عضو التكتل النائب غياث يزبك، إلى توجيه سؤال إلى الحكومة، عبر رئاسة مجلس النواب، في 17 آب الماضي، حول موضوع المعمل الكهرمائي القائم على نهر الجوز.

كما توجَّه كرم بسؤال ثان إلى الحكومة، في 8 أيلول الماضي، عن المعامل الكهرمائية الأربعة في وادي قاديشا، (معمل بشري، ومعمل بلوزا، ومعمل مار ليشع، ومعمل أبو علي في كوسبا الكورة)، بالنسبة لأعمال الصيانة، وإعادة التأهيل، وتغذية محطات التكرير ومحطات ضخ المياه ومؤسسات الدولة بالتيار الكهربائي في أقضية بشري وزغرتا والكورة.

ويشير النائب كرم، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إلى أنه “تحرَّك على هذا الصعيد، بعدما تبيَّن أن المحطات الكهرمائية المذكورة في السؤالين للحكومة، لا تعطي النتيجة الإنتاجية المطلوبة من الطاقة الكهربائية، بسبب قِدمها، وعدم إجراء الصيانة اللازمة لها في الفترة الأخيرة، بحيث باتت تفتقد إلى الكثير من التجهيزات الضرورية”.

ويشدد، على أنه “في حال تمَّ تطوير هذه المعامل يمكنها إنتاج طاقة كهربائية أكبر بكثير مما تنتجه حالياً، لناحية تركيب التوربينات الحديثة التي تنتج طاقة كهربائية أكبر بكلفة متدنية جداً”، موضحاً أن “كلفة الكيلواط المنتج من معامل الغاز والفيول نحو (18 سَنت) تقريباً، فيما لا تتجاوز كلفة الكيلواط عبر المحطات الكهرمائية (2 أو 3 سنت). أي بما لا يقاس لناحية الكلفة وتوفير ملايين الدولارات على الخزينة العامة”.

ويشير، إلى أنه “حصل نقاش مع وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض حول القضية، وتوجَّهت بسؤال له خلال اجتماع للجنة البيئة النيابية كان يشارك فيه، حول إمكانية تخصيص الطاقة المنتجة من المحطات الكهرمائية المذكورة لتوفير التيار الكهربائي لمختلف المؤسسات والإدارات العامة في المنطقة، وتشغيل محطات تكرير المياه المبتذلة، ومحطات ضخّ المياه، وذلك بفعل الأزمة الكبيرة ومعاناة المواطنين المعروفة على هذا الصعيد”.

ويكشف كرم، لموقعنا، عن أن “جواب وزير الطاقة كان بتعذُّر ذلك، إذ لا يمكن تحويل الإنتاج الكهربائي من المحطات الكهرمائية بشكل لا مركزي، وأن كل الطاقة الكهربائية المنتجة منها يجب أن توضع على الشبكة العامة، لتوزَّع لاحقاً على المناطق المختلفة”.

ويضيف، “طلبت من وزير الطاقة وضع برنامج تقنيّ يسمح لكل منطقة يوجد فيها محطة كهرمائية، بتخصيص إنتاجها من الكهرباء لمؤسسات الدولة المختلفة فيها، بالإضافة إلى محطات التكرير وضخّ المياه، لكنه أجاب بأن الأمر غير ممكن. عندها توجَّهنا بالسؤالين إلى الحكومة، حول وجوب تشغيل كل المحطات وصيانتها بأفضل شكل أولاً، ومن ثم نبحث في تخصيص الطاقة المنتجة منها لاحقاً”.

ويلفت، إلى أنه “حتى الآن، لا جواب من الحكومة، إلى أن أطلقت غرفة التجارة والصناعة في طرابلس مبادرة مشكورة، قبل أيام، وأخذت على عاتقها صيانة محطة نهر أبو علي الكهرمائية في كوسبا، وتوفير المعدات المطلوبة لتشغيلها وتأمين بعض الكهرباء لمحطات ضخّ المياه وتكرير المياه المبتذلة، بحيث تستفيد منها مدينة طرابلس والمناطق الموجودة على مجرى النهر ومنطقة الكورة”.

لكن كرم يشدد، على أن “المطلوب من الحكومة المقصّرة بواجباتها، إعادة صيانة وتشغيل كل المحطات الكهرمائية في منطقة وادي قنوبين، في أقرب وقت، لا انتظار مبادرات فردية لا يمكنها الحلول محلّ الدولة لمعالجة الوضع على مستوى المنطقة ككل”.

ويؤكد، على “وجوب اعتماد اللامركزية على هذا الصعيد كأفضل الحلول حالياً، انطلاقاً من انتشار المحطات الكهرمائية في كل لبنان، بالتالي في حال أعيد تشغيلها وتخصيصها لتشغيل مؤسسات الدولة ومحطات ضخّ المياه وتكريرها، ستعمّ الفائدة على كل المواطنين في المنطقة حيث توجد. بمعنى أن تكون الاستفادة من هذه المحطات مركّزة ضمن المنطقة، لأنه بطبيعة الحال لا يمكنها أن تحلّ أزمة الكهرباء في كل لبنان كبديل عن المعامل الكبرى، لذلك يجب تخصيص انتاجيتها من الطاقة الكهربائية لمؤسسات الدولة ومحطات التكرير وضخّ المياه في المنطقة المعنية”.

أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية

QOSHE - خاص ـ “الجمهورية القوية” يحرّك المعامل الكهرمائية… “أبو علي” ينطلق - أمين القصيفي
menu_open
Columnists . News Actual . Favourites . Archive
We use cookies to provide some features and experiences in QOSHE

More information  .  Close
Aa Aa Aa
- A +

خاص ـ “الجمهورية القوية” يحرّك المعامل الكهرمائية… “أبو علي” ينطلق

3 9 25
06.10.2022

في لبنان 16 محطة كهرمائية لإنتاج الطاقة الكهربائية، أُنشئت في القرن الماضي حين كان في لبنان دولة ومسؤولون على قدر من المسؤولية الوطنية. وبعدما وصلت في ذروة إنتاجها سابقاً إلى نحو 720 ميغاواط سنوياً، باتت في أيامنا الحاضرة البائسة، بغالبيتها، إما خارج الخدمة كلياً أو تعمل بطاقة محدودة جرّاء الإهمال وغياب الصيانة اللازمة لها.

ومعلوم أن الطاقة الكهربائية المنتجة من المحطات الكهرمائية، تصنَّف بالطاقة النظيفة، إذ تخفِّف من التلوث الناتج عن المعامل الحرارية، فضلاً عن الكلفة المنخفضة للطاقة الكهربائية المنتجة منها. لكن يبدو أن الدولة تهمل الاهتمام بهذا الجانب، إلى حدِّ ترك المعامل القائمة مسرحاً للإهمال والصدأ. وذلك على الرغم من أزمة الكهرباء الخانقة التي يعانيها لبنان، بعد هدر أكثر من 40 مليار دولار على الكهرباء، والنتيجة، شبه عتمة شاملة أو ساعة كهرباء في الـ24 ساعة يومياً من الدولة، وفواتير المولدات الخاصة تكوي المواطنين.

ولا يبدو أن المسؤولين المعنيين بوارد السماح لأي حلول جدية لأزمة الكهرباء، حتى ولو بشكل جزئيّ، على الرغم من الخطط والتصاريح والاجتماعات والمؤتمرات والوعود التي يتبيَّن تباعاً أنها كاذبة. بل أكثر من ذلك، يعملون لعرقلة وتسويف أي حل يُطرح لتخفيف حدّة الأزمة، بإعادة تفعيل المحطات الكهرمائية في مختلف المناطق اللبنانية، حتى ولو كان من ضمن هبات ومن دون أي كلفة على الخزينة. بالتالي، تصبح........

© Lebanese Forces


Get it on Google Play