مرت 10 سنوات كاملة على سقوط حكم الإخوان المسلمين في القاهرة على خلفية ثورة 30 يونيو/حزيران من العام 2013، تلك التي أطاحت بأحلام التنظيمات الإسلاموية في السيطرة على عدد من العواصم العربية.
رحلة صعود التنظيم للسلطة في مصر قبل عقد من الزمن كانت أشبه بلحظة الغفوة التي تسبق النّعاس، لكنّ وعي المصريين ويقظة الشعوب العربية كان كفيلًا بانتهاء هذه الغفوة بعد عام واحد، انتهاء قضى على حلم التمكين الذي حمله الإخوان على أكتافهم، بل وأيقظ الشعور الوطني بضرورة مواجهة هذا التنظيم وغيره من التنظيمات المتطرفة، نظرًا لما يُشكله من خطر على مفهوم الدولة الوطنية.
تحالف الإخوان عندما كانوا في السلطة وقبل أن يصلوا إليها مع كل التنظيمات الإسلاموية المتطرفة داخل وخارج مصر، بل كانت هذه التنظيمات بمثابة غطاء لها، نشطت وتحركت تحت حماية الإخوان، وكانت تدافع أيضًا عن الجماعة الأم عندما سقط حكمها، هذا التحالف استمر حتى بعد سقوط التنظيم، فاحتل هؤلاء المساحة الأكبر في اعتصام التنظيم بميداني رابعة العدوية والنهضة في العام 2013، ومنهما انطلقا نحو ممارسة العنف في كل ربوع الوطن.
هذا التحالف لم يخفيه الإخوان، وسبق وأعلن الرئيس المعزول محمد مرسي عنه في سياقين؛ أحدهما عندما قال، إنه يدافع عن حياة الخاطفين والمخطوفين، عندما اختطف هؤلاء المتطرفين سبعة من الجنود المصريين في سيناء بدؤوا يساومون على خروجهم مقابل الإفراج عن قيادات متطرفة صدرت بحقهم أحكام قضائية، وكان مرسي واضحًا في حديثه بأنه يدافع عن حياة هؤلاء المتطرفبن!
السياق الثاني، أنه أجل التدخل العسكري لمواجهة هؤلاء المتطرفين في سيناء، وأرسل وفودًا من قيادات متطرفة؛ منهم: مجدي سالم، مسؤول تنظيم الجهاد الإسلامي ومحمد الظواهري، شقيق أيمن الظواهري، زعيم تنظيم الجهاد، للتفاوض مع هؤلاء المتطرفين والنظر في مطالبهم، وكان واضحًا دفاعه المستميت عن هؤلاء المتطرفين وعدم الرغبه في مواجهتهم.
خطر الإخوان تعدى مفهوم الأمن القومي المصري إلى تأثير ذلك على الأمن القومي العربي، صحيح أنهم كانوا يُشكلون خطرًا على أمن مصر، لكنهم كانوا يُشكلون خطرًا أكبر على أمن المنطقة، فالحماية التي وفرها مرسي وإخوانه لهؤلاء المتطرفين كانت تؤثر على أمن المنطقة والعالم بأكمله.
استغل الإخوان حالة الضعف التي مرت بها بعض الأنظمة السياسية في المنطقة العربية حتى انقضوا على السلطة، بل ساعدوا في خلق هذه الحالة، وعندما وصلوا إليها تنصلوا من كل وعودهم باحترام المختلفين معهم، فعملوا على أخونة الدولة، بدلا من أن يكونوا رجال دولة، وسعوا إلى أن تكون هذه الدولة مجرد خانة تابعه للتنظيم، بالإضافة إلى تصدير هذه الفوضى إلى باقي المنطقة.
قزم الإخوان كل شيء داخل الدولة، فكانوا ينظرون للوطن الكبير من خلال عيون التنظيم الضيقة، لذلك سريعًا ما خرج عليهم المصريين في ثورة أطاحت بوجودهم في السلطة، بل وأطاحت بالتنظيم نفسه، وفتحت مغاليق المواجهة الفكرية للتنظيم الأخطر في المنطقة.
المصريون قيموا تجربة التنظيم في الحكم بعد عام ونجحوا في محوا آثار هذه التجربة الرديئة في حكم مصر؛ بعدها تداعى سقوط التنظيم في عدد من البلدان الأخرى، وهذا يدلل على أن سقوط التنظيم في مصر لم يكن سياسيًا فقط لكنه كان سقوطًا للفكرة، وهو أخطر أنواع السقوط يليه مباشرة انهيارها وتفككها بشكل كامل.
ثورة 30 يونيو/حزيران عام 2013 والتي نعيش ذكراها العاشرة هذه الأيام حافظت على الدولة الوطنية، كما أنها أوقفت نزيف طمس الهوية المصرية التي بلغ عمرها أكثر من ثلاثة آلاف عام؛ فخطر الإخوان لم يقتصر على القاهرة حيث حاولوا تصدير الفوضى إلى كل أرجاء المنطقة العربية.
إن حكم الإخوان كان قائمًا على تأصيل ونشر الفوضى، كما أنهم سعوا إلى قطع العلاقات مع الأشقاء العرب، في الوقت الذي أقاموا فيه جسورًا من العلاقات مع كل التنظيمات المتطرفة التي كانت تسكن الجبال والكهوف في سيناء وغيرها!
الإخوان لم يمتلكوا أي خبرات تؤهلهم لإدارة الدولة، غير أنهم كانوا يسعون بصورة كبيرة لأخونة مؤسساتها، تنصلوا من أي التزمات أمام المواطنين وأمام كل دول العالم، وبات التزامهم الوحيد هو تقوية الروابط بكل التنظيمات المتطرفة، التي باتت تدافع عن حكمهم وترى ضرورة الدفاع عنهم، وظهر ذلك في كثرة العمليات الإرهابية التي نفذوها من أجل عودتهم للسلطة مرة ثانية.
إن الإخوان يُجيدون اللعب بورقة المظلومية؛ يقدمون أنفسهم للأتباع والحواريين أو من يسعون إلى تجنيدهم، بأنهم جماعة من البشر يسعون إلى إقامة مجتمع فاضل تسوده القيم الغائبة، كما أنهم يُريدون تطبيق حدود الإسلام، لكن هناك من يواجههم بقوة السلاح، هذه الحالة تركت أثرًا على الكثير من النّاس، فاستمرأها التنظيم لكنها باتت بلا أي تأثير أو فائدة.
10 سنوات مرت على سقوط الإخوان في مصر، ظهرت بوادر هذا السقوط في انشقاق التنظيم إلى جبهتين متصارعتين، كل منهما يتهم الآخر بالعمالة والسرقة واتهامات أخرى مخلة بالشرف، كما أن كلا منهما يرى نفسه أنه الممثل الحصري للتنظيم ويرى الآخر خطرًا على الجماعة وأفكاره.
بات التنظيم الآن على أجهزة التنفس الصناعي، لم يعد قادرًا على الحركة رغم حجمه الكبير، لكن هذا غير كاف للقضاء على خطره، فلابد من تفكيك الأفكار المؤسسة، تلك التي تمثل النواة الصلبة للتنظيم، لأنه بدون تفكيك الأفكار سيمثل التنظيم خطرًا حتى ولو مر بمراحل ضعف كالتي يمر بها الآن.
ينتهي خطر التنظيم لو استمرت المواجهة الفكرية فترة أطول، لكن بآليات مختلفة تدرك حقيقة الأفكار حتى تتمكن من تفكيكها، إدراكًا غير قائم على التهويل أو التهوين، بعدها سوف يُصبح الإخوان مجرد سطر في كتب التاريخ يُحكي عنهم كما يُحكى عن الفرق الضالة كالخوارج.
10 سنوات على سقوط الإخوان
20
0
24.06.2023
مرت 10 سنوات كاملة على سقوط حكم الإخوان المسلمين في القاهرة على خلفية ثورة 30 يونيو/حزيران من العام 2013، تلك التي أطاحت بأحلام التنظيمات الإسلاموية في السيطرة على عدد من العواصم العربية.
رحلة صعود التنظيم للسلطة في مصر قبل عقد من الزمن كانت أشبه بلحظة الغفوة التي تسبق النّعاس، لكنّ وعي المصريين ويقظة الشعوب العربية كان كفيلًا بانتهاء هذه الغفوة بعد عام واحد، انتهاء قضى على حلم التمكين الذي حمله الإخوان على أكتافهم، بل وأيقظ الشعور الوطني بضرورة مواجهة هذا التنظيم وغيره من التنظيمات المتطرفة، نظرًا لما يُشكله من خطر على مفهوم الدولة الوطنية.
تحالف الإخوان عندما كانوا في السلطة وقبل أن يصلوا إليها مع كل التنظيمات الإسلاموية المتطرفة داخل وخارج مصر، بل كانت هذه التنظيمات بمثابة غطاء لها، نشطت وتحركت تحت حماية الإخوان، وكانت تدافع أيضًا عن الجماعة الأم عندما سقط حكمها، هذا التحالف استمر حتى بعد سقوط التنظيم، فاحتل هؤلاء المساحة الأكبر في اعتصام التنظيم بميداني رابعة العدوية والنهضة في العام 2013، ومنهما انطلقا نحو ممارسة العنف في كل ربوع الوطن.
هذا التحالف لم يخفيه الإخوان، وسبق وأعلن الرئيس المعزول محمد مرسي عنه في سياقين؛ أحدهما عندما قال، إنه يدافع عن حياة الخاطفين والمخطوفين، عندما اختطف هؤلاء المتطرفين سبعة من الجنود المصريين في سيناء بدؤوا يساومون على........
© العين الإخبارية
visit website