menu_open Columnists
We use cookies to provide some features and experiences in QOSHE

More information  .  Close

ما بين المارونية السياسية والشيعية السياسية... تفشيل مشروع بناء الدولة

6 96
13.08.2025

من بيروت «جوهرة الشرق» إلى بيروت التي تئنّ تحت الركام... من حلم الدولة التي بشّر بها فؤاد شهاب إلى كابوس الدويلات التي تحكم بالسلاح والمال... ومن فرصة البناء مرتين إلى ضياعها مرتين. هنا على أرض هذا الوطن الصغير كُتبت حكاية قرن من الزمن كان يمكن أن يكون فيه لبنان نموذجاً لدولة المؤسسات فإذا به يتحوّل إلى مختبر للفشل. في المرّة الأولى أسقطته «المارونية السياسية» بأوهام السيطرة وفي المرّة الثانية أطاحت به «الشيعية السياسية» بفائض القوة وبينهما ضاعت الدولة وضاع المواطن وضاع الوطن.

يروي أحد العسكريين المتقاعدين ما دار بينه وبين زميل له في خمسينيات القرن الماضي. قال له «نحن ننتمي إلى مؤسسة واحدة وحقوقنا وواجباتنا مشتركة» فجاءه الردّ الصادم من زميله الماروني «أنت مخطئ فأنا ورائي مؤسسات أكبر من الدولة أما أنت فليس خلفك أحد». هذا الحوار القصير يختصر جوهر المعضلة اللبنانية منذ نشأة الكيان، غلبة الولاءات الطائفية لقوتها المؤسساتيّة والماديّة وارتباطاتها الخارجيّة على الانتماء إلى دولة الزعامات الضعيفة.

في المشهد الأول ورث الموارنة من الانتداب الفرنسي منظومة امتيازات مؤسساتية راسخة شبكة مستشفيات، مدارس إرسالية، أراضٍ شاسعة ومؤسسات مالية واقتصادية متينة. هذه البنية مكّنتهم من السيطرة على مفاصل الدولة الناشئة التي كانت تفتقر إلى مؤسسات وطنية جامعة. لم يكن الخطاب السياسي للأحزاب المارونية يومها عن دولة عادلة تحتكر القوة بل عن «ضمانات» متزايدة للطائفة المُهَدّدَة، فيما بقيت الأطراف محرومة........

© اللواء