في خضم التحوّلات الإقليمية المتسارعة وتعاظم التهديدات على أكثر من جبهة، يعيش لبنان فراغاً في القرار السيادي على مستوى الأمن والدفاع، تزامناً مع انكشاف بنيوي خطير في بنيته الاستراتيجية. هذه اللحظة الحرجة تفرض على بيروت إعادة تقييم موقعها الجيوسياسي والبحث الجاد في نموذج ردعي يعيد للدولة اللبنانية هيبتها وفاعليتها. وفي هذا السياق، توفر الحربان الأخيرتان بين الهند وباكستان نيسان 2025، وبين إيران وإسرائيل حزيران 2025 نموذجين متباينين في إدارة الردع، وتضعان أمام لبنان مرآة تاريخية لاختيار مستقبله بين نموذج الدولة أو نموذج الوكيل.

فقد نجحت باكستان كدولة تمتلك الردع وتمتلك قرار سيادتها خلال المواجهة العسكرية المحدودة مع الهند في فرض معادلة ردع متكاملة، استندت إلى عناصر استراتيجية مترابطة تبدأ بامتلاكها سلاح نووي مُعلن شكّل مظلة ردعية منعت التصعيد الشامل، بناء جيش وطني محترف يحتكر قرار الحرب والسلم دون تدخّل من أي أطراف غير نظامية، تحالفات رسمية متوازنة أبرزها مع الصين وتركيا والسعوديّة وعلاقات نديّة مع أميركا وغيرها من الدول، مكّنتها من الحصول على دعم دفاعي وتقني نوعي، تفوق سيبراني متقدّم مكّنها من تحييد منظومة الدفاع الجوي الهندية S400، وتدمير خمسة طائرات مقاتلة هنديّة حديثة........

© اللواء