المطلوب السرعة لا التَّسرُّع في تشكيل الحكومة
يحرصُ دولة الرئيس المكلف على إنجاز عملية تشكيل الحكومة في أسرع وقت، ولكن من دون تَسرُّع، تجنُّباً لأي خلل قد ينعكس سلبا على الحكومةِ العتيدة من حيث التَّضامن الحُكومي، أو إعاقةَ جهودها المُستقبليَّةِ الراميَةِ إلى وَضعِ الدَّولَةِ على سِكَّةِ النُّهوض وإخراج لبنان من عِزلتِه.
وبعيداً عن الهَّباتِ السَّاخنة أو الباردة التي تبُثُها وسائل الإعلام على اختلافِ مشاربها، والتَّصريحات المُرتفعة الأسقف، والمقالات المُسيَّسَةِ التي تُنشر عبر الصُّحفِ ووسائط التَّواصل الإجتماعي، يبدو أن أياماً معدودة أو ساعات تفصلنا عن الإعلان عن تشكيلةِ الحُكومة بصيغتها النِّهائيَّة وتوقيعِ مرسومِ تَشكيلها، ويبدو أيضا أن توزيع الوزارات على المكونات السِّياسيَّةِ أضحى ثابتاً، ولم يبقَ سوى وضع اللَّمساتِ الأخيرةِ على قائمَةِ أسماء الوزراء، كما يبدو أن مُعظَمَ الأسماء المُتداولةِ لم يسبق لأصحابها أن وزِّروا في حُكوماتٍ سابقة.
يُدركُ دولة الرئيس المُكلَّفِ حجم التَّحدِّياتِ التي ستواجهُها حُكومتُهُ العتيدة، كما يعي جيِّداً حجمَ المَسؤوليَّاتِ التي أملاها خِطابُ القَسمِ وكلمتُهُ التي ألقاها عند قُبولِهِ التَّكليف، كما حَجمَ الآمالِ التي يُعلِّقُها الشَّعب اللبناني على العَهدِ والحكومَةِ في إحداثِ نقلةٍ نوعيَّةٍ في أداءِ السُّلطَةِ التَّنفيذيَّةِ بعيداً عن المُمارساتِ السِّياسيَّةِ السَّابقَةِ التي أوصلت لبنان الى ما هو عليه من انهيار.
اعتمدَ الثُّنائي منذ تسميَة الرئيس المُكلَّف مُناورةً تكتيكيَّة دفاعاً عن مُكتَسباتِه، بحيث بادرَ إلى الامتناعِ عن تسمِيَةِ الرئيس المُكلَّف، ولمَّحَ بعدمِ مُشاركتِه بالحُكومة وعدمِ منحها الثِّقة، وزعمَ أعضاءُ كتلتيهِ أن هذا الأمر يُفقدُها الميثاقيَّةِ باعتبار كتلتيه تحتكران تمثيل المُكوّن الشيعي في مجلس النواب، واتَّضحَ لاحقاً أن تلك المناورة من قبيل الابتزاز السِّياسي لتَحقيق مكاسب فئويَّة، واستكملها بتكتيكٍ آخر يقومُ على عَدَمِ القبول بوزراء يُشكلون استفزازاً له، ما أتاح له فرصةَ وَضعِ فيتوات على بعض الأسماء المُرشَّحةِ لتَولي وزاراتٍ محسوبة القوى الأخرى. وهذا ما جعله شريكاً ثالثاً في عمليَّةِ تشكيل الحكومة، قادرٌ على التَّحكُّمُ بتَسمِيَةِ الوزراء، من خلال تسهيل تسميَةِ أشخاصٍ مُقرَّبين منه أو مَحسوبين على المُقربين منه، أو من ضعفاء مِطواعين لا يجرؤون على التَّصدي لتَوجُّهاتِه؛ وهذا إن حصلَ سيَجعلُ الحكومَةَ القادِمَة غير مُتوازِنَة ويرهن قراراتِها بإملاءاتِ مِحورِ المُمانَعَة.
ودولتُه ليس بغافلٍ عن مُناوراتِ بعضِ المُكوِّناتِ الهادفةِ إلى حُصولِهم على امتيازاتٍ فئويَّةٍ بتَعليَةِ سُقوفِ........
© اللواء
