لماذا إستعملت هذا العنوان؟ أليستْ الحرية في المطلق إعتراف بالذات وبكيان الحرية الساطعة التي لا تقبل أي إلتباس، إنّ قدرة الحرية على إثبات الحق العام والقدرة على تحرر الشعوب من أي إرتهان.

إنّ الحرية شرط أساسي لتحقيق الوجود الإنساني الحر في أي وطن وخصوصًا في لبنان، ولا يمكن تصوّر ذلك الوجود خارج إطار الحرية، فاللبناني لا يكون لبنانيًا إلاّ بإعتباره حُـرًا في كل ما يفعل. فالحرية طبيعة إنسانية سابقة على كل فعل سياسي ثقافي إجتماعي ولا يمكن لأي سياسي أن يكون خارجها إذا أراد فعلاً ممارسة عمله السياسي بنبل وحرية، لكن في لبنان هناك ساسة فاشلون يصح فيهم: لو أمطرت السماء حرية هناك ساسة لبنانيون عبيد سيرفعون الشمسية، ولست بحاجة لتأكيد هذا المقولة فهي ظاهــرة للعيان وماثلة أمام الرأي العام المحلي والعربي والدولي.

إستوقفني ما قالته مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في اليوم العالمي للصحافة وهذا ينطبق على الواقع اللبناني إنه يجب على الحكومات أن تعمل على حماية وسائط الإعلام وأن تحقق مع المسؤولين عن الإعتداءات العنيفة التي تقع على الصحفيين وأن تقدمهم إلى العدالة . المؤسف أنه رغم الدستور اللبناني والقوانين المرعية الإجراء التي تنص على حرية التعبير ففي حقيقة الأمـر لا تزال وسائط الإعلام التقليدية والدولية تخضع لبيئة قانونية وسياسية وأمنية تقليدية، كما يتبيّن لنا من خلال مراجعة بعض المراجع القانونية العاملة في لبنان أن قانون الصحافة والمطبوعات كثيرًا ما يتم تغييرها وأنّ صياغتها مبهمة ممّا يجعلها عرضة لتفسير واسع لإنتهاكات محتملة، والأمثلة كثيرة يكفي ما يتم التطرق إليه في لبنان لناحية سرقة المال العام وإخفاء الحقائق ونحر الديمقراطية وتخريج البيانات عن إنتخابات نيابية شابها الخلل القانوني – التنظيم – النتائج.

من المؤسف أنه يجري التحرُّشْ بالإعلاميين الأحرار في كل المؤسسات ويُرهّبون ويُحتجزون ويخضعون للمساءلة وغير ذلك من أشكال العنف المعنوي وكم من إعلامي يخضع للمراقبة لمجرد أنه يقول الحقيقة وصاحب قلم حر... وفي هذا الإطار وتحت هذا العنوان الجلل «لو أمطرت...» ما الذي يعنيه الكلام عن الحرية في ظل الظرف المأساوي التي يعيشه الشعب اللبناني وفي ظل هذا المأزق التاريخي الذي يعيشه شعبنا اللبناني، وهذه النقلة الدكتاتورية مع هذه الطبقة السياسية الفاسدة التي فتكت بالقوانين وهتكت بالديمقراطية...

أيُّها الإخوة في كل لبنان كيف يمكننا تلّمُسْ معنى الحرية المجرّدة بكل معانيها ومعاينتها ضمن هذا الوضع القائم على التزوير وقمع الأحرار، إنّ مفهوم الحرية هي التخلّصْ من القيود ومن الفرض والإجبار الذي تمارسه هذه السلطة الجائرة المأجورة للغريب...

أيُّها الإخوة من أرض الغربة موضوع الحرية هو من أهم القضايا التي نشتغل عليها في مؤسساتنا ضمن مكاتبنا في بيروت وفي عالم الإنتشار، فلا يوجد فرد أو شعب لا يطمح إلى تحقيقها لأنها السبيل لصلاح المجتمع بأكمله لذا نحن نعمل ليل نهار وبكل ما أوتينا من جهود لدحــر هذه الطغمة التي ترفع شمسية الإنحناء والذل والعار والهمجية والقنوت.

أيُها الإخوة الحرية من أولى إهتماماتنا إنّ حرية وطننا وحرية شعبنا حقوق أساسية من الحقوق التي أعطتنا إياها شرعة حقوق الإنسان وعلى النحو المنصوص عليه في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فحريتنا وحرية أرضنا هي حقوق أساسية لن تنازل عنها آملين فتح طاقات التحرُّرْ والكلام الحــر في حرية وطن.

أيّها الإخوة لن نقبل سياسي جبان وسنكون الأولين في دحــر هذه الطبقة الفاسدة التي يُجيز الواقع القول فيها «لو أمطرت السماء حرية هناك ساسة عبيد سيرفعون الشمسية».

QOSHE - لو أمطـرت السماء حـريّة هناك عبيد سترفــع الشمسية - د. جيلبير المجبِّرْ
menu_open
Columnists Actual . Favourites . Archive
We use cookies to provide some features and experiences in QOSHE

More information  .  Close
Aa Aa Aa
- A +

لو أمطـرت السماء حـريّة هناك عبيد سترفــع الشمسية

4 0
01.06.2023

لماذا إستعملت هذا العنوان؟ أليستْ الحرية في المطلق إعتراف بالذات وبكيان الحرية الساطعة التي لا تقبل أي إلتباس، إنّ قدرة الحرية على إثبات الحق العام والقدرة على تحرر الشعوب من أي إرتهان.

إنّ الحرية شرط أساسي لتحقيق الوجود الإنساني الحر في أي وطن وخصوصًا في لبنان، ولا يمكن تصوّر ذلك الوجود خارج إطار الحرية، فاللبناني لا يكون لبنانيًا إلاّ بإعتباره حُـرًا في كل ما يفعل. فالحرية طبيعة إنسانية سابقة على كل فعل سياسي ثقافي إجتماعي ولا يمكن لأي سياسي أن يكون خارجها إذا أراد فعلاً ممارسة عمله السياسي بنبل وحرية، لكن في لبنان هناك ساسة فاشلون يصح فيهم: لو أمطرت السماء حرية هناك ساسة لبنانيون عبيد سيرفعون الشمسية، ولست بحاجة لتأكيد هذا المقولة فهي ظاهــرة للعيان وماثلة أمام الرأي العام المحلي والعربي والدولي.

إستوقفني ما قالته مفوضة الأمم المتحدة السامية........

© اللواء


Get it on Google Play