هل لبنان مؤهّل لأن يكون دولة؟
يجب الإقرار بداية أن اللبنانيين نجحوا، قبل غيرهم، في بناء دولة ديموقراطية وعصرية في الشرق الأوسط، وهي الدولة الوحيدة في الشرق التي تُدار من مسيحيين ومسلمين كانعكاس للبنية المجتمعية في البلد، والدولة الوحيدة التي تتمتّع بحريات واسعة وحقوق إنسان، وشكّلت نموذجا فريدا وتحولّت إلى مضرب مثل.
وما تقدّم يشكل حقيقة لا يمكن إنكارها ولا القفز فوقها وتدلّ على أنه عندما توافقَ اللبنانيون على تحييد بلدهم عن الصراعات الخارجية أولاً، وجعل الدولة المساحة التي تجمعهم وتدير أمورهم وشؤونهم ثانياً، شهد لبنان حقبة من الاستقرار والازدهار قلّ نظيرها، ما يؤكد بأنّ قدرتهم على حكم ذاتهم متوافرة وموجودة، ولكن لهذا الحكم شروطه وقواعده، ومتى اختلّت انزلقَ البلد إلى الفوضى والحروب.
وبالتوازي مع هذه الحقيقة هناك حقيقة أخرى انّ محور الممانعة حال ويحول منذ انتهاء الحرب اللبنانية في العام 1990 دون قيام دولة فعلية في لبنان، وان لا سبيل لقيام هذه الدولة قبل سقوط هذا المحور، أو منع تأثيره على الداخل اللبناني، الأمر المستحيل تحقيقه في الحالة الثانية طالما ان هناك فئة لبنانية تشكل جزءا لا يتجزأ من محور الممانعة وتتمثّل في «حزب الله» تحديدا.
وإزاء هذا الواقع تبرز داخل الفريق الذي يريد دولة واستقراراً ثلاث وجهات نظر:
وجهة النظر الأولى تعتبر انّ المشروع الممانع في لبنان والمنطقة آيل للسقوط الحتمي، والمسألة مسألة وقت لا أكثر، والدليل انه حتى في إيران التي تشكّل مركز هذا المحور ومنطلقه، انتفض الشعب الإيراني ضد نظامه الذي يقمع الحريات ويُبقي البلد في ضائقة اقتصادية ومعزولاً عن العالم بسبب خروجه عن الشرعية الدولية، وقد قمعت انتفاضاته بالقوة، ولا بدّ في ظرف معيّن من ان يحصل التغيير المَرجو، لأن النظام القائم يسير عكس الاتجاه العالمي الذي يخصِّص موازناته للتنمية والعصرنة ورفاهية مواطنيه، فضلاً عن ان المجتمع الدولي لن يفكّ حصاره عن دولة تزعزع استقرار دول المنطقة.
ولا يجب ان تندفع القوى السياسية والناس في لبنان بسبب يأسها من انسداد الأفق باتجاه التفكير في مشاريع معاكسة للصيغة التي قام عليها البلد، إنما من الواجب مواصلة النضال دفاعاً عن دولة ودستور وشرعية تُشكّل النقيض لمشروع «حزب الله»، لأنه بقدر ما تتمسّك هذه القوى بالشرعية، بقدر ما تكون في موقع المواجه للحزب والمتصدّي لمشروعه، وبقدر ما تتراجع عن مشروع الدولة، بقدر ما تخدم مشروع الحزب كَونه الأقوى مقارنةً مع المشاريع الأخرى ولن يَسمح لها أساساً بتحقيق مشاريعها. وبالتالي، لا........
© الجمهورية
visit website