تساؤلات بابلو نيرودا... وأجوبة فلسطينية؟؟؟
«سلام الحماقة أهو سلام؟
أتضع «الضباع» الحرب؟
لماذا يدرس المعلم جغرافية الموت؟
ماذا يحدث للسنونوات
التي تصل متأخرة الى المدرسة؟
أصحيح أنها توزّع عبر السماء
رسائل شفافّة؟»
بابلو نيرودا، شاعر تشيلي العظيم... يعتبر من أشهر الشعراء وأكثرهم تأثيرا في عصره. ولد في تشيلي، بقرية بارال في 12 يوليو عام 1904. ووفقاً للكاتب الروائي «غابرييل غارثيا ماركيز»، هو أحد أفضل شعراء القرن العشرين في جميع لغات العالم... كان ذا توجّه شيوعي، كما يعد من أبرز النشطاء السياسين... كان عضوًا بمجلس الشيوخ واللجنة المركزية للحزب الشيوعي التشيلي ومرشحاً سابقاً للرئاسة في بلاده... كتب عنه الناقد الأدبي (هارولد بلووم): «لا يمكن مقارنة أيّ من شعراء الغرب بهذا الشاعر الذي سبق عصره»... توفي في 23 أيلول عام 1973.
من أشهر دواوينه «عشرون قصيدة حب وأغنية يائسة» التي ترجمت غير مرة إلى اللغة العربية. «في هذه الليلة، أنا قادر على كتابة أكثر القصائد حزناً».. كتب سيرته الذاتية بعنوان «أشهد أنني قد عشت» التي ترجمت إلى العربية منذ سبعينات القرن الماضي. عندما أطاح الجنرال «بينوشيه» الحكومة الاشتراكية المُنتخبة ديمقراطياً في تشيلي وقتلوا الرئيس «سلفادور أليندي» هجمَ الجنود على بيت الشاعر، وعندما سألهم ماذا يريدون أجابوه بأنهم يبحثون عن السلاح فأجابهم بابلو نيرودا «انّ الشعر هو سلاحه الوحيد».
إحدى أكثر قصائده تساؤلًا هي قصيدة/كتاب «التساؤلات»... ليس صدفة، ربما، أن يكون الديوان الشعري الأخير لشاعر مثل بابلو نيرودا هو «كتاب التساؤلات»، بعد نحو خمسين عامًا من كتابة الشعر وممارسة العمل الثقافي والسياسي. فرغم أنّ هذا الشاعر عاش حياة مندفعة في «يقينيتها» النضالية وصلادة خياراتها الفكرية والسياسية، الا أنه ظل وفيًا لدهشة الشعر الأولى، وظل «تَشككه» مفتوحًا على احتمالات الجمال ومقترحات التساؤل حول الوجود الانساني.
قصيدة، أو «كتاب التساؤلات» لنيرودا، هو آخر ما خَطّه الشاعر التشيلياني الأشهر، حيث أنهى كتابة هذا الديوان قبل اشهر قليلة من رحيله، وتبرز فيه الروح الإنسانية العميقة في تأمل الظاهرات البشرية، والاصغاء إلى ما تقوله الاشياء عنّا لنا، وما نقوله نحن عن أنفسنا، بكامل تاريخنا الصراعي والفلسفي، وليس بعيدًا ايضاً عن رؤية نيرودا الأيديولوجية المضمرة في ثنايا جماليته الشعرية وعبقريته الفذة.
- أيُّ طائر أصفر يملأ عشّه بالليمون؟
• لم يعد بعد من طيور في سماء وأشجار غزة يا عزيزنا بابلو... هاجر منها مَن هاجر من الطيور وقُصف معظمها وتحولت الى رماد يتطاير من حولنا.. لم يبق منها سوى القليل التي تطير في أحلامنا فقط.. تطير بأجنحة من دم.. وأجنحة من نار..!
- من أين للربيع في فرنسا كلّ هذه الأوراق؟
• لم يعد للربيع من مكان في فلسطين منذ النكبة الاولى.. فما بالك يا صديقنا بابلو بالنكبة الثانية في البلاد التي تحفظ أشعارك وقصائدك عن ظهر قلب كما تحفظ قصائد شعرائها ابو سلمى ومحمود وسميح وتوفيق وعز الدين وتميم ومريد... عن ظهر قلب..!
- هل منْ شيء أشدّ حزناً من قطار يقف تحت المطر؟
• نعم يا صديقنا بابلو نيرودا الأرض حين تتوقف عن الدوران في قطاع غزة وتختفي الجهات الاربع.. من الشمال الى الجنوب.. ومن الغرب إلى الشرق.. حين تموت الكائنات تحت الأنقاض والركام.. وتزهر دماء الأطفال الفلسطينيين شقائق فلسطين!
- هل صحيح أن رغباتنا يجب أن تُروى بالندى؟
• لا يا صديقنا بابليتو.. بل، بالدم... اختفى الندى في غزة يا بابلو.. اختفت قطرات الماء التي تتكوّن في الليل وتتبخر في الصباح الباكر.. اختفى بخار الماء الذي يتحول إلى ماء سائل عن طريق ملامسته للأسطح الباردة وذلك بإشعاع حرارته، وإحداث التكثف... ولم تعد قطرات الندى تتساقط على أوراق نباتات الفلسطيني في........
© الجمهورية
visit website