التعاون مع القطاع الخاص: توجّه إصلاحي أعاقه الفساد
مع خروج البلاد من سلسلة الحروب والانقسامات الداخلية بين 1975 و1990، التي أدّت إلى إصابة معظم المرافق والمؤسسات العامة بأضرار جسيمة أعاقتها عن تحقيق الغايات من إنشائها إلى حدّ الشلل، بدا واضحاً توجّه الحكومات المتعاقبة والتشريع نحو خيار «الخصخصة» ومختلف أشكال الشراكة والتعاون مع القطاع الخاص، وذلك اعتباراً من العام 1992، ولكن في ظل تردّد، لا بل تناقض في بعض الأحيان، في تحديد توجّه هذه الحكومات في شأن مستقبل القطاع العام.
شهدت العقود الثلاثة الأخيرة توجّهاً نحو «الخصخصة» والاعتماد تدريجاً على القطاع الخاص، ومنه شركات الاتصالات والبريد والمقاولات، والمكاتب الهندسية والاستشاريون، ومقدّمو الخدمات ومتعهدو التشغيل والصيانة، وجمع النفايات.
مع الدخول في مرحلة النهوض وإعادة الإعمار، تأكّد التوجّه نحو التعاون مع القطاع الخاص، حيث اتخذت الحكومة في 14/7/1992، القرارالرقم 6 في إطار خطة إصلاحية لمعالجة الأوضاع الاقتصادية، بغية كبح جماح التضخم، الذي خلّفه انهيار الليرة اعتباراً من 1982، وبالتالي خفض الضريبة القسرية المتأتية من هذين الانهيار والتضخم، وبهدف إعادة الاستقرار المالي والنقدي الضروريين لإعادة الثقة بالاقتصاد الوطني وبالعملة الوطنية وتعزيزهما على الصعيدين الداخلي والخارجي، واستقطاب الدعم الدولي لعملية إعادة إعمار لبنان بالتزامن مع الإصلاح، وتعزيز واردات الدولة وتطوير قطاع الخدمات وتفعيله. ومن أجل كل ذلك، قّرر مجلس الوزراء العمل على رفع مستوى واردات الخزينة وتفعيل تحقّق الضرائب والرسوم وجبايتها، وتحقيق العائدات من مخالفات البناء والأملاك العامة البحرية ورسوم إشغال هذه الأملاك، ورفع قيمة الدولار الجمركي، والرسم الجمركي على البنزين، ووضع سقف لسحوبات الخزينة من مصرف لبنان، وأخيراً، تأليف لجنة وزارية برئاسة نائب........
© الجمهورية
visit website