أحالت الحكومة قانون الموازنة لسنة 2024، ومجدداً يتصف هذا المشروع بالفضيحة، فتحتوي الموازنة على زيادات ضريبية غير منطقية، هدفها زيادة الإيرادات من دون أدنى تصور لتحقيق نمو اقتصادي وتشجيع الانتاج.

ما هذا الجنون والاستهتار في مواجهة أزمة مالية مستفحلة، هل تتعمّد الحكومة تحقيق انهيار ما تبقّى من الاقتصاد اللبناني، هل الهدف هو إنهاء كل حالة انتاج واستثمار في البلاد لإضعاف لبنان اكثر فأكثر، فتصمت الحكومة وتستسلم إزاء الفضيحة المالية التي تمّ ارتكابها بدم بارد، فلا محاسبة لمن سرق مال الشعب، وبدل من ان تعمل الحكومة لإعادة حقوق الناس، تفرض عليهم المزيد من الضرائب والأعباء، وبدل دعم ومساعدة من يستمر في العمل والاستثمار في لبنان، ترهقهم بمزيد من الضرائب والرسوم.

تضرب الموازنة المقترحة أبسط قواعد الاقتصاد والتي تتمثل بتخفيف الضرائب قدر الإمكان في اقتصاد نموه صفر. فالاستمرار في فرض ضرائب عشوائية على الناس والشركات سيؤدي الى تهشيل الناس وتهريب الشركات ونقل اعمالها الى خارج لبنان.

كذلك ستضع الضرائب أعباءً اضافية على القطاعات المنتجة والناس الذين خسروا كثيراً بسبب سياسات المصارف الملتوية التي تستمر في احتجاز حقوق الناس بوقاحة. سياسات اصحاب المصارف التي ادّت الى فقدان الثقة بأهم قطاع حيوي في لبنان.

فما هو المطوب اليوم، يجب القيام بالخطوات التالية لإنقاذ الاقتصاد واطلاق عجلة النمو:

- اولاً، إقرار الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة واعتمادها في كل مفاصل الادارة العامة، وذلك لإعادة ثقة المواطن بالحكومة وبالقطاع العام (لو كانت الانطلاقة بداية من دون استعداد تكنولوجي متكامل، الاّ انّه بمساعدة الشركات الخاصة تتحقق المكننة الكاملة في اسرع وقت ممكن)، فلا يُمكن ان تطلب من المواطن ان يتحمّل الأزمة، ويدفع ضرائب ومزيداً من الضرائب ما لم يعرف ما يحصل فعلياً في مالية الدولة، وكيف تُدار الدولة، وما يتمّ صرفه من المال العام. من دون ان يعرف اين يذهب كل قرش يدفعه وكيف يتمّ صرفه، في كل مناقصة او مشروع أشغال عامة، في الرواتب والاجور العامة، في مصاريف كل وزارة او مؤسسة عامة وغيرها. سياسة الغموض استُعملت لعقود عمداً او جهلاً لإفقارنا وخرابنا.

- ثانياً، إعادة الثقة بالقطاع المصرفي ليستعيد موقعه كركن من اركان الاقتصاد، عبر إعادة هيكلة القطاع المصرفي، وتقييم الوضع في كل مصرف على حدة عبر الاسئلة التي ذكرناها مراراً في مقالات سابقة، وإعادة الودائع من دون تأخير لأصحابها، لانّ ذلك هو المدخل الرئيسي لاستعادة الثقة. ونعيد التذكير بأنّ الدول التي امتنعت عن إعادة الحقوق لأصحابها اصابها التعثر لعقود وفشلت في إعادة النمو لاقتصادها.

- ثالثاً: إقرار قوانين تشجّع الاستثمار والانتاج، لتشجيع المشاريع الحيوية في البلد. فالقطاعات المنتجة تستطيع رفع النمو وخلق فرص عمل منتجة وتخرجنا من التعتير نحو الازدهار. واقتراح سياسة ضريبية متكاملة يتمّ درسها بمساعدة تجمّع من الأوادم وذوي الخبرة في الاعمال، يأتون بمشروع ضرائبي عادل ومشجع للاستثمار والانتاج.

- رابعاً، التخلّص من القوانين الحقيرة التي تعرقل الاستثمارات، كما الضرائب المضرّة التي تهرّب المستثمرين من لبنان.

- خامساً، إجراء تغيير جذري للإجراءات الادارية لتصبح اكثر فعالية. فمن الوقاحة اقتراح زيادة رسوم المعاملات الإدارية العامة لتصبح 30 ضعفاً عن معدّلها الحالي، بدل الانطلاق بعملية اصلاح شاملة للادارة العامة المتهالكة .

- سادساً، إجراء دراسة جدّية لإمكانية بيع بعض الاراضي او السماح باستثمارها وخصوصاً الاراضي التي لا جدوى اقتصادية لإبقائها في عهدة الدولة مثل اراضي سكك الحديد البحرية وغيرها.

نعيد تذكير حكومتنا ومسؤولينا انّ استمرار تجاهل الشفافية وخطط تطوير الانتاج هو انتحار جماعي.

QOSHE - سياسة الغموض استُعملت لعقود عمداً او جهلاً لإفقارنا وخرابنا - فادي عبود
menu_open
Columnists Actual . Favourites . Archive
We use cookies to provide some features and experiences in QOSHE

More information  .  Close
Aa Aa Aa
- A +

سياسة الغموض استُعملت لعقود عمداً او جهلاً لإفقارنا وخرابنا

9 0
25.11.2023

أحالت الحكومة قانون الموازنة لسنة 2024، ومجدداً يتصف هذا المشروع بالفضيحة، فتحتوي الموازنة على زيادات ضريبية غير منطقية، هدفها زيادة الإيرادات من دون أدنى تصور لتحقيق نمو اقتصادي وتشجيع الانتاج.

ما هذا الجنون والاستهتار في مواجهة أزمة مالية مستفحلة، هل تتعمّد الحكومة تحقيق انهيار ما تبقّى من الاقتصاد اللبناني، هل الهدف هو إنهاء كل حالة انتاج واستثمار في البلاد لإضعاف لبنان اكثر فأكثر، فتصمت الحكومة وتستسلم إزاء الفضيحة المالية التي تمّ ارتكابها بدم بارد، فلا محاسبة لمن سرق مال الشعب، وبدل من ان تعمل الحكومة لإعادة حقوق الناس، تفرض عليهم المزيد من الضرائب والأعباء، وبدل دعم ومساعدة من يستمر في العمل والاستثمار في لبنان، ترهقهم بمزيد من الضرائب والرسوم.

تضرب الموازنة المقترحة أبسط قواعد الاقتصاد والتي تتمثل بتخفيف الضرائب قدر الإمكان في اقتصاد نموه صفر. فالاستمرار في فرض........

© الجمهورية


Get it on Google Play